responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 195
شَهَادَةِ الْكَافِرِ وَحَبْسِ الشَّاهِدِ وَتَحْلِيفِهِ، وَشَهَادَةِ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ، وَاسْتِحْقَاقِهِ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ فَقَدْ أَجَابَ مَنْ قَالَ بِهِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ بِنَفْسِهِ مُسْتَغْنٍ عَنْ نَظِيرِهِ، وَقَدْ قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْكَافِرِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَمَا فِي الطِّبِّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَبْسِ السِّجْنَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْإِمْسَاكُ لِلْيَمِينِ لِيَحْلِفَ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا تَحْلِيفُ الشَّاهِدِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَ قِيَامِ الرِّيبَةِ، وَأَمَّا شَهَادَةُ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْآيَةَ تَضَمَّنَتْ نَقْلَ الْأَيْمَانِ إِلَيْهِمْ عِنْدَ ظُهُورِ اللَّوْثِ بِخِيَانَةِ الْوَصِيَّيْنِ، فَيُشْرَعُ لَهُمَا أَنْ يَحْلِفَا وَيَسْتَحِقَّا، كَمَا يُشْرَعُ لِمُدَّعِي الْقَسَامَةِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ. فَلَيْسَ هُوَ مِنْ شَهَادَةِ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ بَلْ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ لَهُ بِيَمِينِهِ الْقَائِمَةِ مَقَامَ الشَّهَادَةِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ. وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ ظُهُورِ اللَّوْثِ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بِالدَّمِ وَظُهُورِهِ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بِالْمَالِ؟ وَحَكَى الطَّبَرِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) الْوَصِيَّانِ: قَالَ: وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ) مَعْنَى الْحُضُورِ لِمَا يُوصِيهِمَا بِهِ الْوَصِيُّ ثُمَّ زَيْفُ ذَلِكَ " اهـ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِ مَا تَقَدَّمَ عَنِ الْفَتْحِ. وَهَذَا الْحُكْمُ يَخْتَصُّ بِالْكَافِرِ الذِّمِّيِّ، وَأَمَّا الْكَافِرُ الَّذِي لَيْسَ بِذِمِّيٍّ فَقَدْ حَكَى فِي الْبَحْرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا انْتَهَى. وَأَقُولُ: مَا أَوْرَدَهُ الشَّوْكَانِيُّ مِنْ دَعْوَى صَاحِبِ الْبَحْرِ مِنْ أَئِمَّةِ الزَّيْدِيَّةِ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ غَيْرِ الذِّمِّيِّ مُطْلَقًا مَرْدُودٌ بِمَا نَقَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَاخْتَارَ أَنَّ " غَيْرِكُمْ " يَدْخُلُ فِيهِ الْمَجُوسُ وَعَبَدَةُ الْأَوْثَانِ وَأَهْلُ كُلِّ دِينٍ.
سَعَةُ أَحْكَامِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَتَضْيِيقُ الْفُقَهَاءِ:
وَبَقِيَ هَهُنَا بَحْثٌ مُهِمٌّ، وَهُوَ أَنَّ أَحْكَامَ الْقُرْآنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي غَيْرِهَا أَوْسَعُ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ، وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ السُّنَّةِ، وَكُلُّ مَا فِي الْفِقْهِ مِنَ التَّشْدِيدِ وَالتَّقْيِيدِ فَهُوَ مِنَ اجْتِهَادِ الْفُقَهَاءِ، وَلَا سِيَّمَا الْمُصَنِّفِينَ مِنْهُمُ الَّذِينَ جَاءُوا بَعْدَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَأَوْلَى الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ بِالنَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ كِبَارُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَجَرَى عَلَيْهِ عَمَلُ حُكَّامِ الْعُصُورِ الْأُولَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْهُ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي الْقَضَايَا الشَّخْصِيَّةِ وَالْمَدَنِيَّةِ وَالْجِنَائِيَّةِ عَلَى سَوَاءٍ، فَمَا سَبَبُ ذَلِكَ؟ وَلِمَاذَا لَمْ يَأْخُذُوا بِظَاهِرِ آيَةِ الْمَائِدَةِ وَهِيَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فَيَعُدُّوهَا شَارِعَةً لِقَبُولِ شَهَادَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مُطْلَقًا، أَوْ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ النَّصُّ بِإِشْهَادِ الْمُسْلِمِينَ الْعُدُولِ عَلَيْهِ لِحِكْمَةٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي بَيَانِ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ آيَاتِ الشَّهَادَةِ؟ أَوْ لَيْسَ الْغَرَضُ مِنَ الشَّهَادَةِ أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةً يُعْرَفُ بِهَا الْحَقُّ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ بَيَانُهُ عَلَى شَهَادَةِ شُهَدَاءَ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ يَثِقُ الْحَاكِمُ بِصِدْقِهِمْ وَصِحَّةِ شَهَادَتِهِمْ؟ .
الْجَوَابُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ يُعْلَمُ بِالنَّظَرِ فِيمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى مَنْعِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ وَبِمَعْرِفَةِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست