responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 192
الْفَاحِشَةَ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ: (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) (4: 15) الْآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْمُطَلَّقَاتِ الْمُعْتَدَّاتِ: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) (65: 2) وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَةِ التَّدَايُنِ: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) ثُمَّ قَالَ فِيهَا: (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) (2: 282) وَلَمْ يَقُلْ هُنَا: " ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ " وَمَثَلُهُ فِي الْإِطْلَاقِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْيَتَامَى: (فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) (4: 6) .
فَإِذَا تَأَمَّلْنَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مَعَ آيَتَيِ الْمَائِدَةِ اللَّتَيْنِ نَحْنُ فِي صَدَدِ تَفْسِيرِهِمَا وَبَحَثْنَا عَنْ حِكْمَةِ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ، نَرَى أَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ اشْتَرَطَ فِي الِاسْتِشْهَادِ أَوِ الْإِشْهَادِ فِي الْوَقَائِعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأُمُورِ الْمُؤْمِنَاتِ الشَّخْصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ فِي الْإِشْهَادِ عَلَى دَفْعِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِلَيْهِمْ، وَلَا فِي الْإِشْهَادِ عَلَى الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَحْكَامِ الْمَالِيَّةِ الْمَحْضَةِ وَأَحْكَامِ النِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ جَلِيٌّ وَاضِحٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي آيَةِ الدَّيْنِ وَهِيَ فِي الْأَحْكَامِ الْمَالِيَّةِ: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) فَظَاهِرُ
اللَّفْظِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرِّجَالُ الْمُؤْمِنُونَ لِأَنَّهُمُ الْمُخَاطَبُونَ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَصْفُ لِأَجْلِ بَيَانِ تَقْدِيمِ صِنْفِ الرِّجَالِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ مِنْ شَهَادَةِ الصِّنْفَيْنِ، وَأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ رُوعِيَ فِيهَا الْوَاقِعُ أَوِ الْغَالِبُ بِقَرِينَةِ وَصْفِ الْمُقَابِلِ بِقَوْلِهِ: (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) إِذْ لَمْ يَقُلْ: " مِنْ شُهَدَائِكُمْ " أَوْ " مِنْ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ " تَمَّ بِقَرِينَةِ إِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْآيَةِ نَفْسِهَا.
فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَوْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُشْهِدَ فِي الْأَعْمَالِ الْمَالِيَّةِ غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ لَجَاءَ فِي كُلِّ نَصٍّ مِنْ تِلْكَ النُّصُوصِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تَقَارَبَتْ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (4: 83) وَإِنَّمَا يَدُلُّ مَجْمُوعُ الْآيَاتِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ أَوِ الْكَمَالَ فِي الْإِشْهَادِ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ مِنْ عُدُولِ الْمُؤْمِنِينَ لِلثِّقَةِ بِشَهَادَتِهِمْ، وَالِاحْتِرَازِ مِنَ الْكَذِبِ وَالزُّورِ وَالْخِيَانَةِ الَّتِي يَكْثُرُ وُقُوعُهَا مِمَّنْ لَا ثِقَةَ بِأَيْمَانِهِمْ وَعَدَالَتِهِمْ، وَأَنْ يَلْتَزِمَ هَذَا الْأَصْلَ فِي الْإِشْهَادِ عَلَى الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَبُيُوتِهِمْ إِذْ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى غَيْرِهِمْ، وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ سِوَاهُمْ أَنْ يَعْرِفَهَا، وَلِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ فِيهَا; وَلِذَلِكَ قَالَ فِي آيَةِ الطَّلَاقِ: (ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) وَوُرُودُ نَصِّ الْقُرْآنِ فِيمَنْ يَقْذِفُ امْرَأَةً بِأَنْ يُجْلَدَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَأَلَّا تُقْبَلَ لَهُ شَهَادَةٌ أَبَدًا.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست