responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 190
وَهُوَ مَشْرُوعٌ أَيْضًا، وَمِمَّا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحُوهُ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: " لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عِنْدَ مِنْبَرِي كَاذِبًا إِلَّا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ بِمَعْنَاهُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ، وَرَوَى النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ رَفَعَهُ: " مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ كَاذِبَةٍ يَسْتَحِلُّ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا " وَاسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ وَبِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ جَمَاهِيرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى جَوَازِ التَّغْلِيظِ عَلَى الْحَالِفِ بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ شَرْعًا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَخَاصَّةً مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَمَقَامَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَخَاصَّةً مَا كَانَ مِنْهُ عِنْدَ مِنْبَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِالزَّمَانِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْهُمُ الْحَنَفِيَّةُ إِنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ النُّصُوصِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ لَا يُنْكِرُ أَحَدٌ التَّغْلِيظَ بِمَا وَرَدَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْقِيَاسِ عَلَيْهَا أَوِ الْأَخْذِ بِفَحْوَاهَا.
وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: الْأَيْمَانُ تُغَلَّظُ فِي الدِّمَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْمَالِ إِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَيَحْلِفُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَبِالْمَدِينَةِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَفِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ. وَفِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ فِي أَشْرَفِ الْمَسَاجِدِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ: يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْتَصَّ الْحَلِفُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَهَذَا عَلَى خِلَافِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّهْوِيلُ وَالتَّعْظِيمُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَقْوَى اهـ.
هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهَا بِالتَّعَصُّبِ فَلَا يُقَالُ إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ خَالَفَ الْآيَةَ إِلَّا إِذَا أَجَازَ تَرْكَ الْعَمَلِ بِمَنْطُوقِهَا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ نَفْسِهِ.
(7) التَّغْلِيظُ عَلَى الْحَالِفِ بِصِيغَةِ الْيَمِينِ بِأَنْ يَقُولَ فِيهِ مَا يُرْجَى أَنْ يَكُونَ رَادِعًا لِلْحَالِفِ عَنِ الْكَذِبِ كَالْأَلْفَاظِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْآيَةِ، وَأَشَدُّ مِنْهَا مَا وَرَدَ فِي شَهَادَةِ اللِّعَانِ، وَقَدْ جَرَى عَلَى هَذَا أَصْحَابُ الْجَمْعِيَّاتِ السِّيَاسِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، فَاخْتَرَعُوا أَيْمَانًا وَأَقْسَامًا قَدْ يَتَحَامَى أَفْسَقُ النَّاسِ وَأَجْرَؤُهُمْ عَلَى الْإِجْرَامِ أَنْ يَحْنَثَ بِهَا وَقَدْ
بَيَّنَّا مَا يَجِبُ الْبِرُّ بِهِ وَمَا يَجِبُ الْحِنْثُ بِهِ مِنَ الْأَيْمَانِ وَسَائِرِ مُهِمَّاتِ أَحْكَامِهَا فِي تَفْسِيرِ آيَةِ كَفَّارَتِهَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ.
(8) أَنَّ الْأَصْلَ فِي أَخْبَارِ النَّاسِ وَشَهَادَاتِهِمُ الَّتِي هِيَ أَخْبَارٌ مُؤَكَّدَةٌ صَادِرَةٌ عَنْ عِلْمٍ صَحِيحٍ أَنْ تَكُونَ مَقْبُولَةً مُصَدَّقَةً; وَلِهَذَا شَرَطَ فِي حُكْمِ تَحْلِيفِ الشَّاهِدَيْنِ الِارْتِيَابَ فِي خَبَرِهِمَا. وَصَدَّرَ هَذَا الشَّرْطَ بِأَنَّ الَّتِي لَا تَدُلُّ عَلَى تَحَقُّقِ الْوُقُوعِ; إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي وُقُوعِهَا أَنْ يَكُونَ شَاذًّا.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست