responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 157
مِنْ حَمْلِ الِاجْتِهَادِ فِي الرَّأْيِ عَلَى مَا عَدَا
الْقِيَاسَ، فَلَا يَكُونُ الْحَدِيثُ حَجَّةً لِإِثْبَاتِهِ، وَاجْتِهَادُ الرَّأْيِ كَمَا يَكُونُ بِاسْتِخْرَاجِ الدَّلِيلِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَكُونُ بِالتَّمَسُّكِ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، أَوْ بِأَصَالَةِ الْإِبَاحَةِ فِي الْأَشْيَاءِ أَوِ الْحَظْرِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ، أَوِ التَّمَسُّكِ بِالْمَصَالِحِ أَوِ التَّمَسُّكِ بِالِاحْتِيَاطِ.
" وَعَلَى تَسْلِيمِ دُخُولِ الْقِيَاسِ فِي اجْتِهَادِ الرَّأْيِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ كُلَّ قِيَاسٍ، بَلِ الْمُرَادُ الْقِيَاسَاتُ الَّتِي يَسُوغُ الْعَمَلُ بِهَا وَالرُّجُوعُ إِلَيْهَا، كَالْقِيَاسِ الَّذِي عِلَّتُهُ مَنْصُوصَةٌ، وَالْقِيَاسُ الَّذِي قَطَعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ فِي الدَّلِيلِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْأَخْذِ بِتِلْكَ الْقِيَاسَاتِ لَا الْقِيَاسَاتِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى تِلْكَ الْمَسَالِكِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إِلَّا مُجَرَّدُ الْخَيَالَاتِ الْمُخْتَلَّةِ وَالشُّبَهِ الْبَاطِلَةِ. وَأَيْضًا فَعَلَى التَّسْلِيمِ لَا دَلَالَةَ لِلْحَدِيثِ إِلَّا عَلَى الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ فِي أَيَّامِ النُّبُوَّةِ، لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ إِذْ ذَاكَ لَمْ تَكْمُلْ فَيُمْكِنُ عَدَمُ وِجْدَانِ الدَّلِيلِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَمَّا بَعْدَ أَيَّامِ النُّبُوَّةِ فَقَدْ كَمُلَ الشَّرْعُ لِقَوْلِهِ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وَلَا مَعْنًى لِلْإِكْمَالِ إِلَّا وَفَاءُ النُّصُوصِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّرْعِ إِمَّا بِالنَّصِّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ أَوْ بِانْدِرَاجِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ تَحْتَ الْعُمُومَاتِ الشَّامِلَةِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) (6: 38) وَقَوْلُهُ: (وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (6: 59) .
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقِيَاسَاتِ كَقَوْلِهِ: " أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ أَكَانَ يُجْزِئُ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى " وَقَوْلُهُ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ فَقَالَ: " أَيَقْضِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيُؤْجَرُ عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: " أَرَأَيْتَ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي حَلَالٍ كَانَ لَهُ أَجْرٌ " وَقَالَ لِمَنْ أَنْكَرَ وَلَدَهُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ أَسْوَدَ: " هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: فَهَلْ فِيهَا مَنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: لَعَلَّهُ نَزْعَةُ عِرْقٍ، قَالَ: وَهَذَا لَعَلَّهُ نَزْعَةُ عِرْقٍ " وَقَالَ لِعُمَرَ وَقَدْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ: " أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ " وَقَالَ: " يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ " وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ ثَابِتَةٌ فِي دَوَاوِينِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قِيَاسَاتٌ كَثِيرَةٌ حَتَّى صَنَّفَ النَّاصِحُ الْحَنْبَلِيُّ جُزْءًا فِي أَقْيِسَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
" وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْيِسَةَ صَادِرَةٌ عَنِ الشَّارِعِ الْمَعْصُومِ الَّذِي يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ فِيمَا جَاءَنَا بِهِ عَنْهُ: (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (53: 4) وَيَقُولُ فِي وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست