responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 155
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (2: 144) وَهَذَانِ مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي رِسَالَتِهِ.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ غَايَةَ مَا فِي آيَةِ الْجَزَاءِ هِيَ الْمَجِيءُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الصَّيْدِ وَكَوْنِهِ مَثَلًا لَهُ مَوْكُولٌ إِلَى الْعَدْلَيْنِ وَمُفَوَّضٌ إِلَى اجْتِهَادِهِمَا، وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ إِلْحَاقُ فَرْعٍ بِأَصْلٍ لِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ. وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا إِيجَابُ تَحَرِّي الصَّوَابِ فِي أَمْرِهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْقِيَاسِ فِي شَيْءٍ.
(الدَّلِيلُ الرَّابِعُ) : مَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (4: 83) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: قَالُوا:
أُولُو الْأَمْرِ هُمُ الْعُلَمَاءُ، وَالِاسْتِنْبَاطُ هُوَ الْقِيَاسُ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الِاسْتِنْبَاطَ هُوَ اسْتِخْرَاجُ الدَّلِيلِ مِنَ الْمَدْلُولِ بِالنَّظَرِ فِيمَا يُفِيدُهُ مِنَ الْعُمُومِ أَوِ الْخُصُوصِ أَوِ الْإِطْلَاقِ أَوِ التَّقْيِيدِ أَوِ الْإِجْمَالِ أَوِ التَّبْيِينِ فِي نَفْسِ النُّصُوصِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ طَرِيقًا إِلَى اسْتِخْرَاجِ الدَّلِيلِ مِنْهُ. وَلَوْ سَلَّمْنَا انْدِرَاجَ الْقِيَاسِ تَحْتَ مُسَمَّى الِاسْتِنْبَاطِ لَكَانَ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِالْقِيَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَى عِلَّتِهِ وَقِيَاسِ الْفَحْوَى وَنَحْوَهُ، لَا بِمَا كَانَ مُلْحَقًا بِمَسْلَكٍ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ مَحْضُ رَأْيٍ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا دَلِيلٌ مِنَ الشَّرْعِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الِاسْتِنْبَاطِ مِنَ الشَّرْعِ بِمَا أَذِنَ اللهُ بِهِ، بَلْ مِنَ الِاسْتِنْبَاطِ بِمَا لَمْ يَأْذَنِ اللهُ بِهِ. اهـ.
أَقُولُ: وَقَدْ بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ أَنَّ أُولِي الْأَمْرِ لَيْسُوا هُمْ عُلَمَاءَ الْفِقْهِ الْمَعْرُوفِ وَأُصُولِهِ، بَلْ هُمْ أُولُو الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الْأُمَّةِ. فَرَاجِعْهُ فِي مَحَلِّهِ.
(الدَّلِيلُ الْخَامِسُ) : مَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) (2: 26) قَالَ: لِأَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ، فَمَا جَازَ مِنْ فِعْلِ مَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ فَهُوَ مِمَّنْ لَا يَخْلُو مِنَ الْجَهَالَةِ وَالنَّقْصِ أَجْوَزُ. وَاعْتَمَدَ الشَّوْكَانِيُّ فِي رَدِّ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ قَلْبَهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِبَيَانِ أَنَّ مَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، فَكُلُّ مَا يَضْرِبُهُ مِنْ مَثَلٍ وَمَا يُثْبِتُهُ مِنْ تَشْبِيهِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، وَأَمَّا مَنْ لَا يَخْلُو مِنَ النَّقْصِ وَالْجَهْلِ فَلَا نَقْطَعُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا نَظُنُّهُ لِمَا فِي فَاعِلِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ وَالنَّقْصِ.
وَأَقُولُ: إِنَّ تَقْرِيرَ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ هَفْوَةٌ مِنْ أَكْبَرِ الْهَفَوَاتِ، بَلْ سَقْطَةٌ مَنْ أَقْبَحِ السَّقَطَاتِ، فَإِنَّهُ عَلَى كَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ الْمَوْضُوعِ فِي وِرْدٍ وَلَا صَدْرٍ عِبَارَةٌ عَنْ قِيَاسِ الْعَبْدِ عَلَى الرَّبِّ، وَجَعْلِهِ أَحَقَّ بِالتَّشْرِيعِ وَأَجْدَرَ، وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي مَسْأَلَةِ أَمْثَالِ الْقُرْآنِ مِنْ سِيَاقِهِ الَّذِي اخْتَصَرْنَاهُ، فَيُرَاجَعُ فِي كِتَابِهِ.
(الدَّلِيلُ السَّادِسُ) : قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إِحْيَاءَ الْعِظَامِ وَهِيَ رَمِيمٌ: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ) (36: 79)

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست