responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 136
(قَالَ) : فَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعَةُ مِنَ الرَّأْيِ الَّذِي اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا عَلَى ذَمِّهِ وَإِخْرَاجِهِ مِنَ الدِّينِ.
(النَّوْعُ الْخَامِسُ) : مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الرَّأْيَ الْمَذْمُومَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ الْقَوْلُ فِي شَرَائِعِ الدِّينِ بِالِاسْتِحْسَانِ وَالظُّنُونِ، وَالِاشْتِغَالِ بِحِفْظِ الْمُعْضِلَاتِ وَالْأُغْلُوطَاتِ، وَرَدُّ الْفُرُوعِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ قِيَاسًا دُونَ رَدِّهَا إِلَى أُصُولِهَا وَالنَّظَرِ فِي عِلَلِهَا وَاعْتِبَارِهَا إِلَخْ.
(أَقُولُ) : ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ فِي هَذَا تَعْطِيلَ السُّنَنِ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الرَّأْيِ وَمَا فَسَّرَهُ بِهِ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي نَهْيِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ، وَعَنْ عَضْلِ الْمَسَائِلِ، وَعَنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ، وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَكْثَرَ مَا أَوْرَدْنَاهُ آنِفًا عَنْ فَتْحِ الْبَارِي، وَمِنْهُ مَا وَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَفْسِيرِهَا.
(آثَارُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ فِي الرَّأْيِ وَالْقِياسِ) .
ثُمَّ عَقَدَ ابْنُ الْقَيِّمِ لِآثَارِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي ذَمِّ الْقِيَاسِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ، وَبَيَانِ كَوْنِ الْقَائِلِينَ بِهِ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَجْعَلَهُ النَّاسُ دِينًا يُدَانُ بِهِ وَشَرْعًا مُتَّبَعًا لِلْأُمَّةِ، وَكَوْنُ الْمُتَعَصِّبِينَ لَهُمْ مِنْ بَعْدِهِمُ انْحَرَفُوا عَنْ طَرِيقِهِمْ وَخَالَفُوا مَذْهَبَهُمْ غُلُوًّا فِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَعْنَبِيِّ: دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ فَرَأَيْتُهُ يَبْكِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا الَّذِي يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ - قَعْنَبٍ وَمَا لِيَ لَا أَبْكِي؟ وَمَنْ أَحَقُّ بِالْبُكَاءِ مِنِّي؟ وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي ضُرِبْتُ بِكُلِّ مَسْأَلَةٍ أَفْتَيْتُ فِيهَا بِالرَّأْيِ سَوْطًا، وَقَدْ كَانَتْ لِي السَّعَةُ فِيمَا قَدْ سُبِقْتُ إِلَيْهِ، وَلَيْتَنِي لَمْ أُفْتِ بِالرَّأْيِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: مَثَلُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي الرَّأْيِ ثُمَّ يَتُوبُ مِنْهُ مَثَلُ الْمَجْنُونِ الَّذِي عُولِجَ حَتَّى بَرِئَ فَأَعْقَلَ مَا يَكُونُ قَدْ هَاجَ. وَمِنْهُ تَقْدِيمُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ عَلَى الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ، وَمِنْ شَوَاهِدِ هَذَا فِي مَذْهَبِ
أَبِي حَنِيفَةَ الْأَخْذُ بِحَدِيثِ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَحَدِيثِ الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ فِي السَّفَرِ، وَحَدِيثِ قَطْعِ السَّارِقِ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَحَدِيثِ جَعْلِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، وَالْحَدِيثِ فِي اشْتِرَاطِ الْمِصْرِ لِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ. وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ضَعِيفَةٌ وَقَدْ قَدَّمَهَا عَلَى الْقِيَاسِ، وَقَدْ نَهَى جَمِيعُ الْعُلَمَاءِ عَنْ تَقْلِيدِهِمْ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِمْ فِي دِينِ اللهِ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست