responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 12
بِأَشْرَفِ أَوْصَافِهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنَّ الشَّاهِدِينَ هُنَا هُمُ الشُّهَدَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (2: 143) ورُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: هُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمُّتُهُ، أَنَّهُمْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَأَنَّ الرَّسُولَ قَالَ: " قَدْ بَلَّغْتُ " كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ الشَّهَادَةَ لِلرُّسُلِ تَسْتَلْزِمُ الشَّهَادَةَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ، وَإِلَّا كَانَ هَذَا التَّفْسِيرُ غَيْرَ ظَاهِرٍ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمَرْءِ ضِدُّ الشَّهَادَةِ لَهُ، وَالْحَقُّ أَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَا يُرَادُ بِهَا أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تَشْهَدُ عَلَى
الْأُمَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَالْمُبْطِلِينَ لِكَوْنِهَا مَظْهَرًا لِلدِّينِ الْحَقِّ الَّذِي جَحَدُوهُ أَوْ ضَلُّوا عَنْهُ، وَقَدْ حَقَّقْنَا الْقَوْلَ فِي بَيَانِ مَعْنَى الشُّهَدَاءِ فِي تَفْسِيرِ (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (2: 143) فِي (ص 5ج 3ط الْهَيْئَةِ) (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) (4: 69) فِي (ص 197 ج5 ط الْهَيْئَةِ) .
(وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) . هَذَا تَتِمَّةُ قَوْلِهِمْ، وَالْمَعْنَى: أَيُّ مَانِعٍ يَمْنَعُنَا مِنَ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَحْدَهُ وَبِمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ عَلَى لِسَانِ هَذَا الرَّسُولِ، بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ لَنَا أَنَّهُ الْبَارَقْلِيطُ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ الْمَسِيحُ، وَالْحَالُ أَنَّنَا نَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ، وَالَّذِينَ صَلُحَتْ أَنْفُسُهُمْ بِالْعَقَائِدِ الصَّحِيحَةِ، وَالْفَضَائِلِ الْكَامِلَةِ، وَالْعِبَادَاتِ الْخَاصَّةِ، وَالْمُعَامَلَاتِ الْمُسْتَقِيمَةِ، وَهُمْ أَتْبَاعُ هَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيمِ، الَّذِينَ رَأَيْنَا أَثَرَ صَلَاحِهِمْ بِأَعْيُنِنَا بَعْدَ مَا كَانَ فَسَادُهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ مَا كَانَ؟ أَيْ لَا مَانِعَ مِنْ هَذَا الْإِيمَانِ بَعْدَ تَحْقِيقِ مُوجِبِهِ، وَقِيَامِ سَبَبِهِ، فَسَرُّوا الْقَوْمَ الصَّالِحِينَ بِأَصْحَابِ الرَّسُولِ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ آمَنَ مِنْ نَصَارَى الْحَبَشَةِ، وَكُلُّ مَنْ سَارَ عَلَى طَرِيقِهِمْ يُعَدُّ مِنْهُمْ وَيُحْشَرُ مَعَهُمْ.
(فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) أَيْ فَجَزَاهُمُ اللهُ تَعَالَى وَأَعْطَاهُمْ مِنَ الثَّوَابِ بِقَوْلِهِمُ الَّذِي عَبَّرُوا بِهِ عَنْ إِيمَانِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ بَسَاتِينَ وَحَدَائِقَ فِي دَارِ النَّعِيمِ تَجْرِي مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا الْأَنْهَارُ يُخَلَّدُونَ فِيهَا، فَلَا هِيَ تُسْلَبُ مِنْهُمْ وَلَا هُمْ يَرْغَبُونَ عَنْهَا وَيَتْرُكُونَهَا، وَذَلِكَ النَّوْعُ مِنَ الثَّوَابِ جَزَاءُ جَمِيعِ الْمُحْسِنِينَ فِي سِيرَتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنَ الْآيَاتِ الْأُخْرَى أَنَّ فِي تِلْكَ الْجَنَّاتِ، الدُّورَ وَالْقُصُورَ وَالنَّعِيمَ الرُّوحَانِيَّ وَالرِّضْوَانَ الْإِلَهِيَّ مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ الْكَلَامُ وَيُحِيطَ بِهِ الْوَصْفُ فِي هَذَا الْعَالَمِ الْمُخَالِفِ لِذَلِكَ الْعَالَمِ فِي حَقِيقَتِهِ وَخَوَاصِّهِ (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (32: 17) .
وَهُنَاكَ مَا وَرَدَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ عَنْ أَهْلِ الْأَثَرِ:
أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست