responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 99
بِمَا فِيهَا مِنْ حِفْظِهِ، وَنَقَلُوا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ فَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّهُ سَمِعَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ أُسَامَةَ فَذَكَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ كَمَا رَوَاهُ بِهِ الْحَاكِمُ عَنْ أُسَامَةَ، وَخَالَفَ فِيهِ نَصَّ الصَّحِيحَيْنِ وَسَائِرِ الْجَمَاعَةِ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ عَنْهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَقَفَّى عَلَيْهِ بِذِكْرِ لَفْظِ الصَّحِيحَيْنِ، إِشَارَةً إِلَى مَا فِيهِ مِنْ عِلَّةِ مُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ، أَوْ مُخَالَفَةِ الثِّقَةِ لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ النَّافِيَةِ لِلصِّحَّةِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَرَأَ آيَةَ الْأَنْفَالِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (73)
كَمَا رَوَى الْحَاكِمُ. وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَالْأَكْثَرُونَ يَحْتَجُّونَ بِهِ.
ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَشَوَاهِدِهَا: وَتَمَسَّكَ بِهَا مَنْ قَالَ: لَا يَرِثُ أَهْلُ مِلَّةٍ كَافِرَةٍ أَهْلَ مِلَّةٍ أُخْرَى كَافِرَةٍ، وَحَمَلَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِحْدَى الْمِلَّتَيْنِ الْإِسْلَامُ، وَبِالْأُخْرَى الْكُفْرُ، فَيَكُونُ مُسَاوِيًا لِلرِّوَايَةِ الَّتِي بِلَفْظِ الْبَابِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى ظَاهِرِ عُمُومِهَا، حَتَّى يَمْتَنِعَ عَنِ الْيَهُودِيِّ مَثَلًا أَنْ يَرِثَ مِنَ النَّصْرَانِيِّ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْكَافِرَ يَرِثُ الْكَافِرَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْأَكْثَرِ، وَمُقَابِلُهُ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَعَنْهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ، وَكَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَتَوَارَثُ حَرْبِيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ، فَإِنْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ شُرِطَ أَنْ يَكُونَا مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا فَرْقَ، وَعِنْدَهُمْ وَجْهٌ كَالْحَنَفِيَّةِ. وَعَنِ الثَّوْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَطَائِفَةٍ: الْكُفْرُ ثَلَاثٌ: يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ وَغَيْرُهُمْ، فَلَا تَرِثُ مِلَّةٌ مِنْ هَذِهِ مِنْ مِلَّةٍ مِنَ الْمِلَّتَيْنِ. وَعَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ الْكُفَّارِ مِلَّةٌ فَلَمْ يُوَرِّثُوا مَجُوسِيًّا مِنْ وَثَنِيٍّ وَلَا يَهُودِيًّا مِنْ نَصَرَانِيٍّ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَبَالَغَ فَقَالَ: وَلَا يَرِثُ أَهْلُ نِحْلَةٍ مِنْ دِينٍ أَحَدَ أَهْلِ نِحْلَةٍ أُخْرَى مِنْهُ كَالْيَعْقُوبِيَّةِ وَالْمَلَكِيَّةِ مِنَ النَّصَارَى اهـ. وَأَقْرَبُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ إِلَى مَا عَلَيْهِ تِلْكَ الْمِلَلِ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمْ هُوَ مِمَّنْ قَبْلَهُ.
ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ: وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرْتَدِّ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: " يَصِيرُ مَالُهُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَكُونُ فَيْئًا إِلَّا إِنْ قَصَدَ بِرِدَّتِهِ أَنْ يَحْرِمَ وَرَثَتَهُ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ لَهُمْ. وَكَذَا قَالَ فِي الزِّنْدِيقِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: مَا كَسَبَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَبَعْدَ الرِّدَّةِ لِبَيْتِ الْمَالِ " إِلَخْ.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ كَانَ يُوَرِّثُ الْمُسْلِمَ مِنَ الْكَافِرِ وَلَا عَكْسَ، وَمِنْهُ أَنَّ أَخَوَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ، مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ مَاتَ أَبُوهُمَا يَهُودِيًّا فَحَازَ ابْنُهُ الْيَهُودِيُّ مَالَهُ فَنَازَعَهُ الْمُسْلِمَ فَوَرَّثَ مُعَاذٌ الْمُسْلِمَ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِثْلَ هَذَا عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: نَرِثُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا يَرِثُونَا، كَمَا يَحِلُّ لَنَا النِّكَاحُ
مِنْهُمْ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنَّا، وَبِهِ قَالَ مَسْرُوقٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ اهـ. وَعَلَيْهِ الْإِمَامِيَّةُ وَبَعْضُ الزَّيْدِيَّةِ.
إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ أَيْ: إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا مَا ذَكَرَ وَهُوَ مَا شَرَعَ لَكُمْ مِنْ وِلَايَةِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ، وَتَنَاصُرِكُمْ وَتُعَاوُنِكُمْ تُجَاهَ وِلَايَةِ الْكُفَّارِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَيْكُمْ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست