responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 96
وَأَنْكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ الْمُطَهَّرِ الرَّافِضِيِّ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَخُصُوصًا مُؤَاخَاةَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِعَلِيٍّ قَالَ: لِأَنَّ الْمُؤَاخَاةَ شُرِعَتْ لِإِرْفَاقِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَلِيَتَآلَفَ قُلُوبُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلَا مَعْنَى لِمُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا لِمُؤَاخَاةِ مُهَاجِرِيٍّ لِمُهَاجِرِيٍّ ".
" وَهَذَا رَدٌّ لِلنَّصِّ بِالْقِيَاسِ وَغَفْلَةٌ عَنْ حِكْمَةِ الْمُؤَاخَاةِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ بِالْمَالِ وَالْعَشِيرَةِ وَالْقُوَى، فَآخَى بَيْنَ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى، لِيَرْتَفِقَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى، وَيَسْتَعِينَ الْأَعْلَى بِالْأَدْنَى. وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُؤَاخَاتُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَعَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يَقُومُ بِهِ مِنْ عَهْدِ الصِّبَا مِنْ قَبْلِ الْبَعْثَةِ وَاسْتَمَرَّ. وَكَذَا مُؤَاخَاةُ حَمْزَةَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ؛ لِأَنَّ زَيْدًا مَوْلَاهُمْ فَقَدْ ثَبَّتَ أُخُوَّتَهُمَا وَهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ " إِلَخْ. وَمَا ذَكَرَهُ
لَا يُؤَيِّدُ تَعْلِيلَهُ، فَإِنَّهُ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ مِنْ قَبِيلِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ.
وَاحْتَجَّ الْحَافِظُ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ بِالْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُودٍ الْمَرْوِيَّةٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَعِنْدَ الضِّيَاءِ فِي الْمُخْتَارَةِ الَّتِي يُصَرِّحُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بِأَنَّ أَحَادِيثَهَا أَقْوَى مِنْ أَحَادِيثِ الْمُسْتَدْرَكِ، ثُمَّ قَالَ: " وَقِصَّةُ الْمُؤَاخَاةِ الْأُولَى أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: آخَى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَبَيْنَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعُثْمَانَ - وَذَكَرَ جَمَاعَةً - قَالَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ آخَيْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ فَمَنْ أَخِي؟ قَالَ: " أَنَا أَخُوكَ " (قَالَ الْحَافِظُ) : وَإِذَا انْضَمَّ هَذَا إِلَى مَا تَقَدَّمَ تَقَوَّى بِهِ اهـ.
وَأَقُولُ: إِنَّمَا احْتَاجَ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَى التَّقْوِيَةِ بِمَا رُوِيَ مِنَ الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ بَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ؛ لِأَنَّ رَاوِيَهُ جُمَيْعَ بْنَ عُمَيْرٍ التَّيْمِيَّ مَجْرُوحٌ، أَهْوَنُ مَا طَعَنُوهُ بِهِ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ: فِي أَحَادِيثِهِ نَظَرٌ، وَوَافَقَهُ ابْنُ عَدِيٍّ. وَأَشَدُّهَا قَوْلُ ابْنِ نُمَيْرٍ: كَانَ مِنْ أَكْذَبِ النَّاسِ، وَقَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ: كَانَ رَافِضِيًّا يَضَعُ الْحَدِيثَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَافِظَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى رِوَايَةٍ تُؤَيِّدُهُ فِي مَوْضُوعِهِ وَلَوْ إِجْمَالًا، وَمِنْهُ إِسْنَادُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ. وَقَدْ صَرَّحَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ شَيْخُ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ بِأَنَّ رِوَايَاتِ مُؤَاخَاتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِعَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ ضَعِيفَةٌ، فَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ بَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ، فَهُوَ إِذًا يُنْكِرُ مَا قِيلَ مِنْ تِلْكَ الْمُؤَاخَاةِ الْعَامَّةِ، وَتَحْقِيقُ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَوْضُوعِنَا هُنَا، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ اسْتِطْرَادًا لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي إِيضَاحِ هَذَا الْبَحْثِ، وَسَنَذْكُرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنَ الْإِرْثِ فِي تَفْسِيرِ: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ (8: 75) .
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَهَذَا هُوَ الصِّنْفُ الثَّالِثُ مِنْ أَصْنَافِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُمُ الْمُقِيمُونَ فِي أَرْضِ الشِّرْكِ تَحْتَ سُلْطَانِ الْمُشْرِكِينَ وَحُكْمِهِمْ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست