responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 89
الْكُفْرِ وَخِيَانَتَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الْبِشَارَةَ بِحُسْنِ الْعَاقِبَةِ وَالظَّفَرِ لَهُ وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى أَيْ: قُلْ لِلَّذِينَ فِي تَصَرُّفِ أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى - وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو جَعْفَرٍ مَنِ الْأُسَارَى - الَّذِينَ أَخَذْتُمْ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا إِنْ كَانَ اللهُ تَعَالَى يَعْلَمُ أَنَّ فِي قُلُوبِكُمْ إِيمَانًا كَامِنًا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالِاسْتِعْدَادِ الَّذِي سَيَظْهَرُ فِي إِبَّانِهِ - أَوْ كَمَا يَدَّعِي بَعْضُكُمْ بِلِسَانِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي قُلُوبِكُمْ يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ أَيْ: يُعْطِكُمْ إِذْ تُسْلِمُونَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مِمَّا أَخَذَهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْكُمْ مِنَ الْفِدَاءِ بِمَا تُشَارِكُونَهُمْ فِيهِ مِنَ الْغَنَائِمِ وَغَيْرِهَا مِنْ نِعَمِ الدِّينِ الَّتِي وَعَدَهُمُ اللهُ بِهَا، رَوَى أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْعَبَّاسَ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: آمَنَّا بِمَا جِئْتَ بِهِ وَنَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ فَنَزَلَ إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا أَيْ: إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا يُخْلِفْ لَكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُصِيبَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ أَيْ: مَا كَانَ مِنَ الشِّرْكِ، وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ السَّيِّئَاتِ، فَكَانَ عَبَّاسٌ يَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمْ تَنْزِلْ فِينَا وَأَنَّ لِي مَا فِي الدُّنْيَا مِنْ شَيْءٍ، فَلَقَدْ أَعْطَانِي اللهُ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنِّي مِائَةَ ضِعْفٍ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ غَفَرَ لِيَ اللهُ، وَقَدْ أَخَذَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ: وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ: غَفُورٌ لِمَنْ تَابَ مِنْ كُفْرِهِ وَمِنْ ذَنْبِهِ بِالْأَوْلَى رَحِيمٌ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُرَادُ بِهَذِهِ:الرَّحْمَةُ الْخَاصَّةُ الَّتِي تَشْمَلُ سَعَادَةَ الْآخِرَةِ " وَأَمَّا الرَّحْمَةُ الْعَامَّةُ فَقَدْ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَهَذَا تَرْغِيبٌ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَدَعْوَةٌ إِلَيْهِ، وَعَدَمُ عَدِّهِمْ مُسْلِمِينَ بِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَلِذَلِكَ قَالَ: وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ بِمَا يُظْهِرُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْمَيْلِ إِلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ دَعْوَى إِبْطَالِ الْإِيمَانِ، أَوِ الرَّغْبَةِ عَنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَعْدُ - وَهَذَا مِمَّا اعْتِيدَ مِنَ الْبَشَرِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ - فَلَا تَخَفْ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ خِيَانَتِهِمْ وَعَوْدَتِهِمْ إِلَى الْقِتَالِ،
فَقَدْ خَانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ بِاتِّخَاذِ الْأَنْدَادِ وَالشُّرَكَاءِ لَهُ، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْكُفْرِ بِنِعَمِهِ ثُمَّ بِرَسُولِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ خِيَانَتَهُمُ اللهَ تَعَالَى هِيَ مَا كَانَ مِنْ نَقْضِهِمْ لِمِيثَاقِهِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى الْبَشَرِ بِمَا رَكَّبَ فِيهِمْ مِنَ الْعَقْلِ، وَمَا أَقَامَهُ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ مِنَ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْكَوْنِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي آيَةِ أَخْذِهِ تَعَالَى الْمِيثَاقَ عَلَى بَنِي آدَمَ مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ (7: 172) فَتُرَاجَعُ (فِي ص325 - 339ج 9ط الْهَيْئَةِ) فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ الْإِمْكَانُ مِنَ الشَّيْءِ وَالتَّمْكِينُ مِنْهُ وَاحِدٌ، أَيْ فَمَكَّنَكَ أَنْتَ وَأَصْحَابَكَ مِنْهُمْ، بِنَصْرِهِ إِيَّاكَ عَلَيْهِمْ بِبَدْرٍ عَلَى التَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ بَيْنَ قُوَّتِكَ وَقُوَّتِهِمْ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست