responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 76
وَرَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَالتَّفْصِيلُ لِأَحْمَدَ قَالَ: لَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى - يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ - قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: " مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟ " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ قُوَّةً لَنَا عَلَى الْكُفَّارِ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ " فَقَالَ: لَا وَاللهِ، لَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنَّنِي أَرَى أَنَّ تُمَكِّنَنَا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ (أَيْ أَخِيهِ) فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَنِي مِنْ فُلَانٍ - نَسِيبًا لِعُمَرَ - فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَمَكِّنْ فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ قَرَابَتِهِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا. فَهَوِيَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جِئْتُ فَإِذَا
رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " - شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهُ - وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِينَ طَلَبُوا مِنْهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ اخْتِيَارَ الْفِدَاءِ كَثِيرُونَ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَشَارَ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنِ اسْتَشَارَهُمْ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَمَا أَنَّهُ أَكْبَرُهُمْ مَقَامًا. وَيُوَضِّحُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: أَرَادَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَوْمَ بَدْرٍ الْفِدَاءَ فَفَادَوْهُمْ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ أَرْبَعَةِ آلَافٍ. وَمِثْلُهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، كَمَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ: " خَيِّرْ أَصْحَابَكَ فِي الْأَسْرَى إِنْ شَاءُوا الْقَتْلَ وَإِنْ شَاءُوا الْفِدَاءَ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ عَامًا مُقْبِلًا - وَفِي التِّرْمِذِيِّ قَابِلٍ - مِثْلُهُمْ " قَالُوا: الْفِدَاءُ وَيُقْتَلُ مِنَّا. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ لَا تَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ. وَرَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هَشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ نَحْوَهُ مُرْسَلًا.
(أَقُولُ) : ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ هُوَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، رَوَى عَنْهُ الْجَمَاعَةُ وَوَثَّقَهُ أَسَاطِينُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مِثْلُهُمْ. أَنَّهُمْ إِذَا أَخَذُوا الْفِدَاءَ يَكُونُ عِقَابُهُمْ أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ مِثْلَ عَدَدِ أُولَئِكَ الْأَسْرَى وَهُوَ سَبْعُونَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ (مِنْهَا) مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ الثَّانِي مِنْ أَحَادِيثِ (بَابِ غَزْوَةِ أُحُدٍ) .

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست