responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 504
وَسَتَأْتِي آيَاتٌ أُخْرَى فِي مُنَافِقِي الْأَعْرَابِ وَمُؤْمِنِيهِمْ فِي الْآيَاتِ 97، 98، 99 قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ الْمُعَذِّرُونَ بِالتَّشْدِيدِ: اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ التَّعْذِيرِ كَالْمُقَصِّرُونَ مِنَ التَّقْصِيرِ. هَكَذَا قَرَأَ الْكَلِمَةَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ، وَقَرَأَهَا يَعْقُوبُ بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الْإِعْذَارِ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَكِنْ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ، وَكَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ 66 مَعْنَى الْعُذْرِ وَالِاعْتِذَارِ. وَالْإِعْذَارُ إِبْدَاءُ الْعُذْرِ، وَمِنْهُ الْمَثَلُ " أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ " وَأُعْذِرَ: ثَبَتَ لَهُ عُذْرٌ - وَقَصَّرَ وَلَمْ يُبَالِغْ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مُبَالِغٌ، كَأَنَّهُ ضِدٌّ - وَكَثُرَتْ ذُنُوبُهُ وَعُيُوبُهُ، وَلَهُ مَعَانٍ أُخْرَى كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَالَ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ بِتَشْدِيدِ
" الذَّالِ " الْمَكْسُورَةِ أَيِ: الْمُعْتَذِرُونَ الَّذِينَ لَهُمْ عُذْرٌ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُعَذِّرُ غَيْرَ مُحِقٍّ، فَالْمَعْنَى: الْمُقَصِّرُونَ بِغَيْرِ عُذْرٍ اهـ. وَزَادَ شَارِحُهُ، وَمَعْنَى الْمُعَذِّرُونَ الَّذِينَ يَعْتَذِرُونَ كَانَ لَهُمْ عُذْرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهُوَ هَاهُنَا شَبِيهٌ بِأَنْ يَكُونَ لَهُمْ عُذْرٌ، وَيَجُوزُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمُعِذِّرُونَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. الَّذِينَ يُعَذِّرُونَ: يُوهِمُونَ أَنَّ لَهُمْ عُذْرًا وَلَا عُذْرَ لَهُمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَفِي الْمُعَذِّرِينَ وَجْهَانِ: إِذَا كَانَ الْمُعَذِّرُونَ مِنْ عَذِرَ الرَّجُلِ فَهُوَ مُعَذِّرٌ فَهُمْ لَا عُذْرَ لَهُمْ، وَإِذَا كَانَ الْمُعَذِّرُونَ أَصْلُهُ الْمُعْتَذِرُونَ فَأُلْقِيَتْ فَتْحَةُ التَّاءِ عَلَى الْعَيْنِ، وَأُبْدِلَ مِنْهَا " ذَالٌ " وَأُدْغِمَتْ فِي " الذَّالِ " الَّتِي بَعْدَهَا فَلَهُمْ عُذْرٌ. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مَعْنَاهُ الْمُعْتَذِرُونَ. يُقَالُ: عَذَرَ عِذَارًا فِي مَعْنَى اعْتَذَرَ، وَيَجُوزُ عَذَرَ الرَّجُلِ يَعْذِرُ عُذْرًا فَهُوَ مُعَذَّرٌ. قَالَ وَمِثْلُهُ: هَدَى يَهْدِي هُدَاءًإِذَا اهْتَدَى. قَالَ اللهُ: أَمَّنْ لَا يَهِدِي إِلَّا أَنْ يُهْدَى (10: 35) اهـ.
وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَادَّةِ وَالْمُرَادِ مِنْهَا فِي الْآيَةِ.
وَالْحِكْمَةُ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ مَعَانِي الصِّيغَتَيْنِ بَيَانُ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ أُولَئِكَ الْأَعْرَابِ فِي أَعْذَارِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ عُذْرٌ صَحِيحٌ هُوَ مُوقِنٌ بِهِ، وَمَنْ لَهُ عُذْرٌ صُورِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ وَهُوَ يُوهِمُ أَنَّهُ حَقِيقِيٌّ عَالِمًا بِأَنَّهُ مُخَادِعٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ عُذْرٌ ضَعِيفٌ هُوَ فِي شَكٍّ مِنْهُ إِنْ نُوقِشَ فِيهِ عَجَزَ عَنْ إِثْبَاتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْوَاقِعِ فَهُوَ كَاذِبٌ فِي انْتِحَالِهِ، وَهَذَا مِنْ إِيجَازِ الْقُرْآنِ الْعَجِيبِ بِالْإِتْيَانِ بِلَفْظٍ مُفْرَدٍ يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ كُلَّهَا، مُبْهَمَةً إِلَّا عِنْدَ أَهْلِهَا لِلْحِكْمَةِ الْآتِيَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِبْهَامِهَا.
وَالْمَعْنَى: وَجَاءَ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ مِنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى تَبُوكَ امْتِثَالًا لِلنَّفِيرِ الْعَامِّ، مِنْ أُولِي التَّعْذِيرِ وَالْإِعْذَارِ، قَالَ الضَّحَّاكُ: هُمْ رَهْطُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 504
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست