responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 502
مَادَّةِ الطُّولِ (بِالضَّمِّ) ضِدُّ الْقِصَرِ. وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا أُولُو الْمَقْدِرَةِ عَلَى الْجِهَادِ الْمَفْرُوضِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، أَيِ: اسْتَأْذَنُوكَ بِالتَّخَلُّفِ عَنِ الْجِهَادِ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ أَيْ: دَعْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ فِي بُيُوتِهِمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَالزَّمْنَى الْعَاجِزِينَ عَنِ الْقِتَالِ، وَالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ غَيْرِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ.
وَفِي مَعْنَى الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقِتَالِ - أَوْ مُحَمَّدٍ: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (47: 20 و21) وَالْآيَاتُ دَلِيلٌ عَلَى جُبْنِ الْمُنَافِقِينَ وَضُعَفَاءِ الْإِيمَانِ، وَرِضَاهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ بِالذُّلِّ وَالْهَوَانِ.
رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ رَضُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ مِنَ النِّسَاءِ - وَرُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ - وَمَنْ لَا خَيْرَ فِيهِمْ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ، فَهُوَ جَمْعُ خَالِفَةٍ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا قَالَهُ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ فِيهِ فِي تَفْسِيرِ: فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ مِنْ آيَةِ (83) .
وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ الطَّبْعُ عَلَى الْقُلُوبِ وَالْخَتْمُ عَلَيْهَا عِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ قَبُولِهَا لِشَيْءٍ جَدِيدٍ مِنَ الْعِلْمِ وَالْمَوْعِظَةِ غَيْرِ مَا اسْتَقَرَّ فِيهَا وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهَا، وَصَارَ وَصْفًا وَوُجْدَانًا لَهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا الِاسْتِعْمَالَ اللُّغَوِيَّ حَقِيقَتَهُ وَمَجَازَهُ لِلْكَلِمَةِ فِي تَفْسِيرِ: خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ (2: 7) وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ وَالْأَعْرَافِ.
فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ أَيْ: فَلِأَجْلِ ذَلِكَ هُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَا يُخَاطَبُونَ بِهِ فَهْمَ تَدَبُّرٍ وَاعْتِبَارٍ فَيَعْمَلُوا بِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا حَقِيقَةَ مَعْنَى الْفِقْهِ فِي مَوَاضِعَ أَبْسَطُهَا تَفْسِيرُ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا (7: 179) مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَفِيهِ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْقَلْبِ.
لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ هَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قُعُودِ الْمُنَافِقِينَ عَنِ الْجِهَادِ مَعَ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَمَلًا بِدَاعِي الْإِيمَانِ، وَأَمْرِ اللهِ فِي الْقُرْآنِ ; لِأَنَّ مَا جَرَوْا عَلَيْهِ مِنَ النِّفَاقِ قَدْ طُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِمُقْتَضَى سُنَّةِ اللهِ تَعَالَى فِي التَّأْثِيرِ وَالِارْتِبَاطِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 502
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست