responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 500
الْمَشْرُوعُ فِي الْأَحْكَامِ إِلَى أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ الصَّارِفُ عَنْ ذَلِكَ لَا إِشْكَالَ فِيهِ. فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَلْهَمَ وَعَلَّمَ.
" وَقَدْ وَقَفْتُ لِأَبِي نُعَيمٍ الْحَافِظِ صَاحِبِ " حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ " عَلَى جُزْءٍ جَمَعَ فِيهِ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَتَكَلَّمَ عَلَى مَعَانِيهِ فَلَخَّصْتُهُ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ
أَبِي أَسَامَهُ وَغَيْرِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الْعُمَرِيِّ فِي قَوْلِ عُمَرَ: " أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ " وَلَمْ يُبَيِّنْ مَحَلَّ النَّهْيِ، فَوَقَعَ بَيَانُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ عَنِ الْعُمَرِيِّ، وَهُوَ أَنَّ مُرَادَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمُ الِاسْتِغْفَارُ لَهُمْ وَلَفْظُهُ: " وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ " قَالَ: وَفِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: " فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ " أَنَّ عُمَرَ تَرَكَ رَأْيَ نَفْسِهِ، وَتَابَعَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَمَلَ هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، بِخِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَهَا عَنْ عُمَرَ إِذْ لَمْ يَشْهَدْهَا، انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ.
(أَقُولُ) حَاصِلُ مَا لَخَّصَهُ الْحَافِظُ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ - وَهُوَ مِنْ أَوْسَعِ حُفَّاظِ الْمِلَّةِ اطِّلَاعًا - أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ مَقْبُولٍ، إِلَّا إِذَا فَرَضْنَا أَنَّ آيَةَ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ قَدْ نَزَلَتْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ السِّيَاقِ لَا مَانِعَ مِنْهُ عَقْلًا، وَلَكِنْ يَبْعُدُ جِدًّا أَنْ تَكُونَ آيَةُ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُنَافِقِينَ قَدْ نَزَلَ صَدْرُهَا أَوَّلًا ثُمَّ نَزَلَ بَاقِيهَا مُتَرَاخِيًا بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، أَيْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ، وَكَذَا تَأْوِيلُ قَوْلِ عُمَرَ: " وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ " بِأَنَّهُ يَعْنِي بِالصَّلَاةِ الِاسْتِغْفَارَ، وَإِذَا سَلَّمْنَا نُزُولَ صَدْرِ آيَةٍ مِنْ سِيَاقٍ طَوِيلٍ كَآيَةِ بَرَاءَةَ فِي سَنَةٍ، وَنُزُولَ بَاقِيهَا فِي سَنَةٍ أُخْرَى عَلَى بُعْدِهِ، فَمَاذَا نَقُولُ فِي آيَةِ سُورَةِ " الْمُنَافِقُونَ ". وَقَدْ نَزَلَتْ قَبْلَ آيَةِ بَرَاءَةَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ فِي غَزْوَةِ بَنِيَ الْمُصْطَلِقِ، وَكَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَهِيَ أَصْرَحُ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الِاسْتِغْفَارِ وَعَدَمِهِ؟ .
الْحُقُّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَارِضٌ لِلْآيَتَيْنِ، فَالَّذِينَ يُعْنَوْنَ بِأُصُولِ الدِّينِ وَدَلَائِلِهِ الْقَطْعِيَّةِ أَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَالدَّلَائِلِ الظَّنِّيَّةِ، لَمْ يَجِدُوا مَا يُجِيبُونَ عَنْ هَذَا التَّعَارُضِ إِلَّا الْحُكْمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ مَتْنِهِ، وَفِي مُقَدِّمَتِهِمْ أَكْبَرُ أَسَاطِينِ النُّظَّارِ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الدَّاوُدِيُّ مِنْ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ. وَأَمَّا الَّذِينَ يُعْنَوْنَ بِالْأَسَانِيدِ أَكْثَرَ مِنْ عِنَايَتِهِمْ بِالْمُتُونِ، وَبِالْفُرُوعِ أَكْثَرَ مِنَ الْأُصُولِ، فَقَدْ تَكَلَّفُوا مَا بَيَّنَّا خُلَاصَتَهُ عَنْ أَحْفَظِ
حُفَّاظِهِمْ. وَمِنَ الْأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا أَنَّهُ مَا كُلُّ مَا صَحَّ سَنَدُهُ يَكُونُ مَتْنُهُ صَحِيحًا، وَمَا كُلُّ مَا لَمْ يَصِحَّ سَنَدُهُ يَكُونُ مَتْنُهُ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا يُعَوَّلُ عَلَى صِحَّةِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 500
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست