responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 488
وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَ: وَحَثَّ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى الصَّدَقَةِ، يَعْنِي فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَالِي ثَمَانِيَةُ آلَافٍ جِئْتُكَ بِنِصْفِهَا، وَأَمْسَكْتُ نِصْفَهَا، فَقَالَ: " بَارَكَ اللهُ
لَكَ فِيمَا أَمْسَكْتَ وَفِيمَا أَعْطَيْتَ " وَتَصَدَّقَ يَوْمَئِذٍ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ بِمِائَةِ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، وَجَاءَ أَبُو عُقَيلٍ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ - الْحَدِيثَ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ بِمَعْنَاهُ، وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعمِائَةِ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: إِنَّ لِي ثَمَانُمِائَةُ أُوقِيَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ - الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فَقَالَ: ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِينَارٍ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَحَكَى عِيَاضٌ فِي " الشِّفَاءِ " أَنَّهُ جَاءَ يَوْمئِذٍ بِتِسْعِمِائَةِ بَعِيرٍ. وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَحْضَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَصَحُّ الطُّرُقِ فِيهِ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمِ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَوَقَعَ فِي مَعَانِي الْفَرَّاءِ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَجَاءَ عُمَرُ بِصَدَقَةٍ وَعُثْمَانُ بِصَدَقَةٍ عَظِيمَةٍ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، ثُمَّ جَاءَ أَبُو عُقَيلٍ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا أَخْرَجَ هَؤُلَاءِ صَدَقَاتِهِمْ إِلَّا رِيَاءً. وَأَمَّا أَبُو عُقَيلٍ فَإِنَّمَا جَاءَ بِصَاعِهِ لِيُذَكِّرَ بِنَفْسِهِ، فَنَزَلَتْ. وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِصَدَقَتِهِ وَجَاءَ الْمُطَّوِّعُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْحَدِيثَ اهـ.
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى عِقَابَهُمِ الْخَاصَّ بِأَمْرِ الدِّينِ بِمَا جَعَلَ حُكْمَهُمْ فِي ذُنُوبِهِمْ حُكْمَ الْكَافِرِينَ، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ هَذِهِ الْآيَةُ بِمَعْنَى آيَةِ سُورَةِ " الْمُنَافِقُونَ ": سَوَاءٌ عَلَيْهِمُ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (63: 6) وَفِيهَا زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ بِذِكْرِ السَّبْعِينَ مَرَّةً وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ سَبَبَ عَدَمِ الْمَغْفِرَةِ هُوَ الْكُفْرُ إِلَخْ. وَعَدَدُ السَّبْعِينَ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْكَثْرَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي عُرْفِ الْعَرَبِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ هَذَا الْعَدَدَ بِعَيْنِهِ، بَلِ الْمَعْنَى مَهْمَا تُكْثِرْ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ فَلَنْ يُسْتَجَابَ لَكَ فِيهِمْ.
وَحَسُنَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِيهَا لِتَأَخُّرِ نُزُولِهَا، فَهِيَ أَمْرٌ مَعْنَاهُ الْخَبَرُ، كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ - تَقْدِيرُهُ - الِاسْتِغْفَارُ لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الْمُعَيَّنِينَ وَعَدَمُهُ سِيَّانِ، فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ وَإِنْ كَثُرَ الِاسْتِغْفَارُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ، رَجَاءَ أَنْ يَهْدِيَهُمُ اللهُ تَعَالَى فَيَتُوبَ عَلَيْهِمْ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 488
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست