responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 481
مِنْهُمْ مَا كَانَ، وَلَا مِنْ قَبَائِلِهِمْ وَأُولِي أَرْحَامِهِمْ ; لِأَنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ أَبْطَلَ عَصَبِيَّةَ الْأَنْسَابِ - وَلَا مِنَ الْغُرَبَاءِ بِمَا كَانَ يَكُونُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنَ الْجِوَارِ وَالْحِلْفِ، فَقَدْ قَضَى الْإِسْلَامُ عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ وَجُوَارِهَا - وَلَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَيْضًا ; فَإِنَّ أَحْلَافَهُمْ مِنْهُمْ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ فِي الْحِجَازِ، بِالْقَتْلِ وَالْجَلَاءِ، وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ فِي شَاسِعِ الْأَمْصَارِ، عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ بِمُلْكِ قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَهَكَذَا كَانَ،
وَصَدَقَ مَا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ مِنِ انْتِقَاءِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَنْصَارِ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا، وَهَذَا مِنْ نَبَأِ الْغَيْبِ الَّذِي يَكْثُرُ فِي الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَفْطِنْ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ لِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ. هَذَا مَا يَخُصُّ حِرْمَانَهُمْ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَنْصَارِ فِي الدُّنْيَا كُلِّهَا - وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالنُّصُوصِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُنَافِقِينَ وَلَا لِلْكُفَّارِ وَلِيٌّ وَلَا نَصِيرٌ فِي الْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا خَصَّ أَمْرَ الدُّنْيَا بِالذِّكْرِ هُنَا ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُهِمُّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ دُونَ الْآخِرَةِ الَّتِي لَا يُوقِنُونَ بِهَا.
وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
هَذَا بَيَانٌ لِحَالِ طَائِفَةٍ أُخْرَى مِنْ أُولَئِكَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ بَعْدَ الْفَقْرِ وَالْإِمْلَاقِ. وَيُوجَدُ مِثْلُهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَهُمُ الَّذِينَ يَلْجَئُونَ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي وَقْتِ الْعُسْرَةِ وَالْفَقْرِ، أَوِ الشِّدَّةِ وَالضُّرِّ، فَيَدْعُونَهُ وَيُعَاهِدُونَهُ عَلَى الشُّكْرِ لَهُ، وَالطَّاعَةِ لِشَرْعِهِ، إِذَا هُوَ كَشَفَ ضُرَّهُمْ، وَأَغْنَى فَقْرَهُمْ، فَإِذَا اسْتَجَابَ لَهُمْ نَكَسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَكَفَرُوا النِّعْمَةَ، وَبَطَرُوا الْحَقَّ، وَهَضَمُوا حُقُوقَ الْخَلْقِ، وَهَذَا مَثَلٌ مِنْ شَرِّ أَمْثَالِهِمْ.
وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ أَيْ: وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ مَنْ عَاهَدَ اللهَ تَعَالَى وَأَقْسَمَ أَوْكَدَ الْأَيْمَانِ، لَئِنْ آتَاهُمْ مَنْ فَضْلِهِ مَالًا وَثَرْوَةً لَيَشْكُرَنَّ لَهُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 481
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست