responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 48
نَهَضْتَ وَلَمْ نَشْعُرْ بِكَ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هَمَّتْ يَهُودُ بِهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنِ اخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَلَا تُسَاكِنُونِي بِهَا، وَقَدْ أَجَّلْتُكُمْ عَشْرًا، فَمَنْ وَجَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَأَقَامُوا أَيَّامًا يَتَجَهَّزُونَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الْمُنَافِقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ أَلَّا تَخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ فَإِنَّ مَعِيَ أَلْفَيْنِ يَدْخُلُونَ مَعَكُمْ حِصْنَكُمْ فَيَمُوتُونَ دُونَكُمْ، وَتَنْصُرُكُمْ قُرَيْظَةُ وَحُلَفَاؤُكُمْ مِنْ غَطَفَانَ، وَطَمِعَ رَئِيسُهُمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ فِيمَا قَالَهُ لَهُ، وَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: إِنَّا لَا نَخْرُجُ مِنْ دِيَارِنَا فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ. فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصْحَابُهُ وَنَهَضُوا إِلَيْهِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَحْمِلُ اللِّوَاءَ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ أَقَامُوا عَلَى حُصُونِهِمْ يَرْمُونَ بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ وَاعْتَزَلَتْهُمْ قُرَيْظَةُ، وَخَانَهُمُ ابْنُ أُبَيٍّ وَحُلَفَاؤُهُمْ مِنْ غَطَفَانَ، وَلِهَذَا شَبَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قِصَّتَهُمْ، وَجَعَلَ مَثَلَهُمْ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ (59: 16) فَإِنَّ سُورَةَ الْحَشْرِ هِيَ سُورَةُ بَنِيَ النَّضِيرِ، وَفِيهَا مَبْدَأُ قِصَّتِهِمْ وَنِهَايَتُهَا، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ
وَقَطَعَ نَخْلَهُمْ وَحَرَقَ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ: نَحْنُ نَخْرُجُ عَنِ الْمَدِينَةِ، فَأَنْزَلَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا عَنْهَا بِنُفُوسِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ، وَأَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ إِلَّا السِّلَاحَ، وَقَبَضَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْأَمْوَالَ وَالْحَلْقَةَ وَهِيَ السِّلَاحُ، وَكَانَتْ بَنُو النَّضِيرِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِنَوَائِبِهِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُخَمِّسْهَا؛ لِأَنَّ اللهَ أَفَاءَهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، وَخَمَّسَ قُرَيْظَةَ.
قَالَ مَالِكٌ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: خَمَّسَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قُرَيْظَةَ وَلَمْ يُخَمِّسْ بَنِي النَّضِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُوجِفُوا بِخَيْلِهِمْ وَلَا رِكَابِهِمْ عَلَى بَنِي النَّضِيرِ كَمَا أَوْجَفُوا عَلَى قُرَيْظَةَ، وَأَجْلَاهُمْ إِلَى خَيْبَرَ وَفِيهِمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ كَبِيرُهُمْ، وَقَبَضَ السِّلَاحَ وَاسْتَوْلَى عَلَى أَرْضِهِمْ وَدِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَوَجَدَ مِنَ السِّلَاحِ خَمْسِينَ دِرْعًا وَخَمْسِينَ بَيْضَةً، وَثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَيْفًا، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي قَوْمِهِمْ بِمَنْزِلَةِ بَنِي الْمُغِيرَةِ فِي قُرَيْشٍ، وَكَانَتْ قِصَّتُهُمْ فِي رَبِيعِ أَوَّلٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.
(فَصْلٌ) وَأَمَّا قُرَيْظَةُ فَكَانَتْ أَشَدَّ الْيَهُودِ عَدَاوَةً لِرَسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَغْلَظَهُمْ كُفْرًا، وَلِذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَى إِخْوَانِهِمْ، وَكَانَ سَبَبُ غَزْوِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَمَّا خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَالْقَوْمُ مَعَهُ صُلْحٌ جَاءَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فِي دِيَارِهِمْ، فَقَالَ: قَدْ جِئْتُكُمْ بِعِزِّ الدَّهْرِ، جِئْتُكُمْ بِقُرَيْشٍ عَلَى سَادَاتِهَا وَغَطَفَانَ عَلَى قَادَاتِهَا وَأَنْتُمْ أَهْلُ الشَّوْكَةِ وَالسِّلَاحِ، فَهَلُمَّ حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا وَنَفْرُغَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست