responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 438
يُعْنَى بِهَذِهِ النُّكَتِ الدَّقِيقَةِ، فَرَأَيْنَا لَهُ رَأْيًا آخَرَ فِي نُكْتَةِ اخْتِلَافِ التَّعْبِيرِ مِنْ حَيْثُ تَقْسِيمِ الْأَصْنَافِ إِلَى الْقِسْمَيْنِ يُخَالِفُ رَأْيَنَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ قَالَ: (فَإِنْ قُلْتَ) لِمَ عَدَلَ عَنِ " اللَّامِ " إِلَى " فِي " فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ؟ (قُلْتُ) لِلْإِيذَانِ بِأَنَّهُمْ أَرْسَخُ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّصَدُّقِ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ سَبَقَ ذِكْرُهُ، لِأَنَّ " فِي " لِلْوِعَاءِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُمْ أَحِقَّاءُ بِأَنْ تُوضَعَ فِيهِمُ الصَّدَقَاتُ، وَيُجْعَلُوا مَظِنَّةً لَهَا وَمَصَبًّا. وَذَلِكَ لِمَا فِي فَكِّ الرِّقَابِ مِنَ الْكِتَابَةِ أَوِ الرِّقِّ وَالْأَسْرِ، وَفِي فَكِّ الْغَارِمِينَ مِنَ الْغُرْمِ، مِنَ التَّخْلِيصِ وَالْإِنْقَاذِ، وَلِجَمْعِ الْغَازِي الْفَقِيرِ، أَوِ الْمُنْقَطِعِ فِي الْحَجِّ بَيْنَ الْفَقْرِ وَالْعِبَادَةِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ السَّبِيلِ جَامِعٌ بَيْنَ الْفَقْرِ وَالْغُرْبَةِ عَنِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ. وَتَكْرِيرُ " فِي " فِي قَوْلِهِ: وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فِيهِ فَضْلُ تَرْجِيحٍ لِهَذَيْنِ عَلَى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ اهـ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُنِيرِ فِي (الِانْتِصَافِ) نُكْتَةً أُخْرَى هِيَ أَقْرَبُ إِلَى مَا قُلْنَاهُ قَالَ:
وَثَمَّ سِرٌّ آخَرُ هُوَ أَظْهَرُ وَأَقْرَبُ، ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ الْأَوَائِلَ مُلَّاكٌ لِمَا عَسَاهُ يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُونَهُ مِلْكًا، فَكَانَ دُخُولُ " اللَّامِ " لَائِقًا بِهِمْ، وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأَوَاخِرُ فَلَا يَمْلِكُونَ مَا يُصْرَفُ نَحْوَهُمْ، بَلْ وَلَا يُصْرَفُ إِلَيْهِمْ وَلَكِنْ فِي مَصَالِحَ تَتَعَلَّقُ بِهِمْ، فَالْمَالُ الَّذِي يُصْرَفُ فِي الرِّقَابِ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُهُ السَّادَةُ الْمُكَاتِبُونَ
وَالْبَائِعُونَ، فَلَيْسَ نَصِيبُهُمْ مَصْرُوفًا إِلَى أَيْدِيهِمْ حَتَّى يُعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِاللَّامِ الْمُشْعِرَةِ بِتَمَلُّكِهِمْ لِمَا يُصْرَفُ نَحْوَهُمْ، وَإِنَّمَا هُمْ مَحَالٌّ لِهَذَا الصَّرْفِ وَالْمَصْلَحَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ. وَكَذَلِكَ الْغَارِمُونَ إِنَّمَا يُصْرَفُ نَصِيبُهُمْ لِأَرْبَابِ دُيُونِهِمْ تَخْلِيصًا لِذِمَمِهِمْ لَا لَهُمْ. وَأَمَّا سَبِيلُ اللهِ فَوَاضِحٌ فِيهِ ذَلِكَ، وَأَمَّا ابْنُ السَّبِيلِ فَكَأَنَّهُ كَانَ مُنْدَرِجًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنَّمَا أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ تَنْبِيهًا عَلَى خُصُوصِيَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ مُجَرَّدٌ مِنَ الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا، وَعَطْفُهُ عَلَى الْمَجْرُورِ بِاللَّامِ مُمْكِنٌ، وَلَكِنْ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْهُ أَقْرَبُ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ جَدِّي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ فَارِسٍ الْفَقِيهُ الْوَزِيرُ اسْتَنْبَطَ مِنْ تَغَايُرِ الْحَرْفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَجْهًا فِي الِاسْتِدْلَالِ لِمَالِكٍ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ بَيَانُ الْمَصْرَفِ، " وَاللَّامُ لِذَلِكَ لَامُ الْمِلْكِ، فَيَقُولُ مُتَعَلِّقُ الْجَارِّ الْوَاقِعِ خَبَرًا عَنِ الصَّدَقَاتِ مَحْذُوفٌ فَيَتَعَيَّنُ تَقْدِيرُهُ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ مَصْرُوفَةٌ لِلْفُقَرَاءِ كَقَوْلِ مَالِكٍ، أَوْ مَمْلُوكَةٌ لِلْفُقَرَاءِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ يُكْتَفَى بِهِ فِي الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا يَصِحُّ تَعَلُّقُ اللَّامِ بِهِ وَفِي مَعًا فَيَصِحُّ أَنْ تَقُولَ: هَذَا الشَّيْءُ مَصْرُوفٌ فِي كَذَا، وَلِكَذَا بِخِلَافِ تَقْدِيرِهِ مَمْلُوكةٌ، فَإِنَّهُ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ اللَّامِ وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى " فِي " يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ مَصْرُوفَةٌ لِيَلْتَئِمَ بِهَا، فَتَقْدِيرُهُ مِنَ اللَّامِ عَامُّ التَّعَلُّقِ شَامِلُ الصِّحَّةِ مُتَعَيَّنٌ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ اهـ.
وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ يُوَافِقُ فِي الْجُمْلَةِ، إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ سَهْمَ الْغَارِمِينَ مِنَ الْمَصَالِحِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَمَا قُلْنَاهُ فِيهِمْ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْطَى كُلُّ مَا يَأْخُذُونَهُ لِأَرْبَابِ دُيُونِهِمْ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 438
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست