responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 428
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَارَ سِلَاحَهُ مِنْهُ لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ. وَهُوَ الْقَائِلُ يَوْمَئِذٍ: لِأَنْ يَرِثَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرِثَنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ. وَقَدْ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِبِلًا كَثِيرًا مُحَمَّلَةً كَانَتْ فِي وَادٍ، فَقَالَ: هَذَا عَطَاءُ مَنْ لَا يَخْشَى الْفَقْرَ، وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْهُ قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ أَعْطَانِي النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا زَالَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ قَالَ: كَانَ صَفْوَانُ أَحَدَ الْعَشَرَةِ الَّذِينَ انْتَهَى إِلَيْهِمْ شَرَفُ الْجَاهِلِيَّةِ وَوَصَلَهُ لَهُمُ الْإِسْلَامُ مِنْ عَشَرَةِ بُطُونٍ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ أَحَدَ الْمَطْعِمِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْفُصَحَاءِ، وَقَدْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ.
(السَّادِسُ) مِنَ الْكَفَّارِ مَنْ يُخْشَى شَرُّهُ فَيُرْجَى بِإِعْطَائِهِ كَفُّ شَرِّهِ وَشَرِّ غَيْرِهِ مَعَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ قَوْمًا كَانُوا يَأْتُونَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِنْ أَعْطَاهُمْ مَدَحُوا الْإِسْلَامَ، وَقَالُوا: هَذَا دِينٌ حَسَنٌ. وَإِنْ مَنَعَهُمْ ذَمُّوا وَعَابُوا. وَكَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ
سُفْيَانُ بْنُ حَرْبٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، الَّذِينَ تَقَدَّمَ فِي قِسْمَةِ غَنَائِمِ هَوَازِنَ مِنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ سَهْمَ هَؤُلَاءِ قَدِ انْقَطَعَ بِإِعْزَازِ اللهِ لِلْإِسْلَامِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ. وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّ مُشْرِكًا جَاءَ يَلْتَمِسُ مِنْ عُمَرَ مَالًا فَلَمْ يُعْطِهِ وَقَالَ: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (18: 29) وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا، بَلْ قَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمَوْضُوعِ؛ إِذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ كُلَّ مُشْرِكٍ يُعْطَى لِتَأْلِيفِهِ. وَقَالُوا أَيْضًا: إِنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ جَاءَا يَطْلُبَانِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَرْضًا، فَكَتَبَ لَهُمَا خَطًّا بِذَلِكَ، فَمَزَّقَهُ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كَانَ يُعْطِيكُمُوهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَأْلِيفًا لَكُمْ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَعَزَّ اللهُ الْإِسْلَامَ وَأُغْنِيَ عَنْكُمْ، فَإِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَبَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ السَّيْفُ، فَرَجَعُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: أَنْتَ الْخَلِيفَةُ أَمْ عُمَرُ؟ بَذَلْتَ لَنَا الْخَطَّ وَمَزَّقَهُ عُمَرُ - فَقَالَ هُوَ إِنْ شَاءَ. فَقَدْ وَافَقَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تَقْتَضِي سُقُوطَ هَذَا السَّهْمِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ اجْتِهَادٌ مِنْ عُمَرَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ اسْتِمْرَارُ هَذَا التَّأْلِيفِ لِهَذَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الطَّامِعَيْنِ وَأَمْثَالِهِمَا، بَعْدَ الْأَمْنِ مِنْ ضَرَرِ ارْتِدَادِهِمَا لَوِ ارْتَدَّا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ ثَبَتَ فِي أَقْوَامِهِمَا حَتَّى إِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى قَتْلِهِمَا - لَوِ ارْتَدَّا - أَدْنَى فِتْنَةٍ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا أَعْطَيَا أَحَدًا مِنْ هَذَا الصِّنْفِ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ السَّهْمِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ سَلْبِيٌّ لَا حُجَّةَ فِيهِ، وَقُصَارَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْخَلِيفَتَيْنِ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمَا حَاجَةٌ إِلَى تَأْلِيفِ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ لِذَلِكَ. وَهُوَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَهُ لِمَنِ احْتَاجَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمَا.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 428
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست