responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 382
قَالَ: فَعَطِشَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَمَرَّ بِرَاعٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَخَذْتُ قَدَحًا فَحَلَبْتُ فِيهِ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ فَأَتَيْتُهُ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ اهـ.
(أَقُولُ) : هَذَا مَا اخْتَرْتُ نَقَلَهُ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ خَبَرِ الْهِجْرَةِ، وَفِي أَحَادِيثَ أُخْرَى تُرَاجَعُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالسِّيَرِ وَفِيهَا عِبَرٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّنِي أُقَفِّي عَلَيْهِ بِوَصْفِ الْغَارِ الَّذِي شَرَّفَهُ اللهُ بِإِيوَائِهِ إِلَيْهِ إِتْمَامًا لِلْفَائِدَةِ.
غَارُ ثَوْرٍ وَطَرِيقُهُ مِنْ مَكَّةَ:
الْغَارُ وَالْمَغَارُ وَالْمَغَارَةُ مِنْ مَادَّةِ الْغَوْرِ، وَغَوْرُ كُلِّ شَيْءٍ قَعْرُهُ وَعُمْقُهُ، فَالْغَارُ فِي الْجَبَلِ تَجْوِيفٌ فِيهِ يُشْبِهُ الْبَيْتَ، وَثَوْرٌ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ وَعْرُ الْمُرْتَقَى، وَقَدْ وَصَفَهُ وَحَدَّدَ مَسَافَةَ الطَّرِيقِ إِلَيْهِ مِنْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ إِبْرَاهِيمُ رِفْعَتْ بَاشَا أَمِيرُ الْحَجِّ الْمِصْرِيُّ إِذْ زَارَهُ فِي 18 ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ 1318 هـ وَكَانَ يَحْرُسُهُ ثُلَّةٌ مِنَ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ خَوْفًا مِنْ فَتْكِ الْأَعْرَابِ بِهِ، فَذَكَرَ أَنَّ الْمَسَافَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَسْكَرِ الْمَحْمَلِ الْمِصْرِيِّ فِي الْمَحَلِّ الْمُسَمَّى بِالشَّيْخِ مَحْمُودٍ مِنْ ضَوَاحِي مَكَّةَ قَرِيبَةٌ مِنْ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ وَنِصْفٍ، وَأَنَّهُمْ قَطَعُوهَا عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ فِي سَاعَةٍ وَثُلُثِ سَاعَةٍ، ثُمَّ قَالَ فِي وَصْفِ الطَّرِيقِ وَالْغَارِ مَا نَذْكُرُهُ بِنَصِّهِ لِيَعْلَمَ الْقُرَّاءُ أَنَّ إِيوَاءَ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَصَاحَبِهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ إِلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بِالسَّهْلِ الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِالْكَبِيرِ الَّذِي يَعِزُّ الْعُثُورُ عَلَى مَنْ يَسْتَخْفِي فِيهِ، قَالَ:
وَالطَّرِيقُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْجَبَلِ تَحُفُّهُ الْجِبَالُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَبِهِ عَقَبَةٌ صَغِيرَةٌ يَرْتَفِعُ إِلَيْهَا الْإِنْسَانُ وَيَنْحَدِرُ مِنْهَا، وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ قَطْعُهَا إِلَّا ثَلَاثَ دَقَائِقَ، وَبِالطَّرِيقِ سَبْعَةُ أَعْلَامٍ مَبْنِيَّةٌ بِالْحَجَرِ وَمُجَصَّصَةٌ فَوْقَ نُشُوزٍ مِنَ الْأَرْضِ يَبْلُغُ ارْتِفَاعَ الْوَاحِدِ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَمْتَارٍ، وَقَاعِدَتُهُ مِتْرٌ مُرَبَّعٌ، وَتَنْتَهِي بِشَكْلٍ هَرَمِيٍّ، وَهَذِهِ الْأَعْلَامُ عَلَى يَسَارِ الْقَاصِدِ لِلْجَبَلِ وَبَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ مِنْهَا بُعْدٌ يَتَرَاوَحُ بَيْنَ 200 مِتْرٍ وَأَلْفِ مِتْرٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا وُضِعَ عِنْدَ تَعْرِيجَةٍ؛ حَتَّى لَا يَضِلَّ السَّالِكُ عَنِ الْجَبَلِ، وَسَاعَةُ بَلَغْنَا الْجَبَلَ قَسَّمْنَا قُوَّتَنَا (يَعْنِي عَسْكَرَهُمْ) قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ صَعَدَ مَعَنَا إِلَى الْجَبَلِ، وَالْآخَرُ وَقَفَ بِسَفْحِهِ يَرُدُّ عَنَّا عَادِيَةَ الْعُرْبَانِ إِنْ هَمُّوا بِالْأَذَى، وَقَدْ تَسَلَّقْنَا الْجَبَلَ فِي سَاعَةٍ وَنِصْفِهَا بِمَا فِي ذَلِكَ اسْتِرَاحَةُ دَقِيقَةٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ كُلَّ خَمْسِ دَقَائِقَ، بَلْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كُنَّا نَسْتَرِيحُ خَمْسَ دَقَائِقَ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ وَعْرٌ حَلَزُونِيٌّ، وَقَدْ عَدَدْتُ 54 تَعْرِيجَةً إِلَى نِصْفِ الْجَبَلِ، وَكُنَّا آوِنَةً نَصْعَدُ وَأُخْرَى نَنْحَدِرُ حَتَّى وَصَلْنَا الْغَارَ بِسَلَامٍ، وَلَوْلَا الْإِصْلَاحُ الَّذِي أَحْدَثَهُ الْمُشِيرُ عُثْمَانُ بَاشَا نُورِي الَّذِي وَلِيَ الْحِجَازَ سَنَةَ 1299 هـ وَالْمُشِيرُ السَّيِّدُ إِسْمَاعِيلُ حَقِّي بَاشَا الَّذِي كَانَ وَالِيًا عَلَى الْحِجَازِ، وَشَيْخًا لِلْحَرَمِ سَنَةَ 1307 هـ لَازْدَادَتِ الصُّعُوبَةُ، وَضَلَّ السَّائِرُ عَنِ الطَّرِيقِ وَلَمْ يَهْتَدِ إِلَى الْغَارِ لِعِظَمِ الْجَبَلِ وَاتِّسَاعِهِ وَتَشَعُّبِ مَسَالِكِهِ، وَكَانَ مِنْ أَثَرِ إِصْلَاحِهِمَا

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست