responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 351
قَالَ: إِنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللهُ طُهْرًا لِلْأَمْوَالِ، ثُمَّ قَالَ: مَا أُبَالِي لَوْ كَانَ عِنْدِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، أَعْلَمُ عَدَدَهُ، أُزَكِّيهِ وَأَعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَةِ اللهِ. وَالْمُرَادُ: أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ وُجُوبُ إِنْفَاقِ كُلِّ مَا يَمْلِكُ الْمُؤْمِنُ مِنَ النَّقْدَيْنِ ـ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَقَبْلَ فَرْضِ الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ آيَةَ " بَرَاءَةٌ " هَذِهِ نَزَلَتْ قَبْلَ إِيجَابِ الزَّكَاةِ؛ لِمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ فُرِضَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، " وَبَرَاءَةٌ " نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي عُيِّنَ فِيهَا الْعُمَّالُ لِجَمْعِ الزَّكَاةِ. وَأَخْرَجَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا قَالَ: مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ، وَمَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنْزٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْمَحْفُوظُ الْمَوْقُوفُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْخَطِيبُ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " أَيُّ مَالٍ أَدَّيْتَ زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ " وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ مَوْقُوفًا، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ، كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ. وَأَخْرَجَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عُمَرَ أَيْضًا، فَجُمْلَةُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَنْزَ الْمُتَوَعَّدَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ مَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْجُمْهُورِ، قَالَ: وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " إِذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ " أَقُولُ: وَكَذَا النَّفَقَاتُ الْوَاجِبَةُ الَّتِي لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إِلَّا فِيمَا زَادَ مِنَ الْمَالِ عَلَيْهَا.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ مِنَ الْفَتْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ الزَّكَاةُ هَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْوَعِيدَ عَلَى الِاكْتِنَازِ - وَهُوَ حَبْسُ مَا فَضَلَ عَنِ الْحَاجَةِ عَنِ الْمُوَاسَاةِ بِهِ - فَعَلىَ هَذَا الْمُرَادُ بِنُزُولِ الزَّكَاةِ بَيَانُ نِصَابِهَا وَمَقَادِيرِهَا لَا إِنْزَالُ أَصْلِهَا وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: لَا أُبَالِي لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا ـ كَأَنَّهُ يُشِيرُ
إِلَى قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ الْآتِي آخِرَ الْبَابِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ، وَحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: أَنْ يُحْمَلَ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ عَلَى مَالٍ تَحْتَ يَدِ الشَّخْصِ لِغَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَحْبِسَهُ عَنْهُ، أَوْ يَكُونَ لَهُ لَكِنَّهُ مِمَّنْ يُرْجَى فَضْلُهُ، وَتُطْلَبُ عَائِدَتُهُ كَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، فَلَا يَجِبُ أَنْ يَدَّخِرَ عَنِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ رَعِيَّتِهِ شَيْئًا، وَيُحْمَلُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَالٍ يَمْلِكُهُ، قَدْ أَدَّى زَكَاتَهُ، فَهُوَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ لِيَصِلَ بِهِ قَرَابَتَهُ، وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَلَا يَرَى ادِّخَارَ شَيْءٍ أَصْلًا. (قَالَ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرَدَتْ عَنْ أَبِي ذَرٍّ آثَارٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَالٍ مَجْمُوعٍ يَفْضُلُ عَنِ الْقُوتِ وَسَدَادِ الْعَيْشِ فَهُوَ كَنْزٌ يُذَمُّ فَاعِلُهُ، وَأَنَّ آيَةَ الْوَعِيدِ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ، وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَحَمَلُوا الْوَعِيدَ عَلَى مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَأَصَحُّ مَا تَمَسَّكُوا بِهِ حَدِيثُ طَلْحَةَ، وَغَيْرِهِ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ حَيْثُ قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ (يَعْنِي الزَّكَاةَ) ، قَالَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ " اهـ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ؛ كَمَا

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 351
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست