responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 347
تَعْبُدُ الْمَالَ بِمَالِهِمْ لِمُسَاعَدَتِهِمْ عَلَى هَذَا الظُّلْمِ، فَلَيْسَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي تِلْكَ الْبِشَارَاتِ. وَلَكِنْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ بِشَارَةٌ أَصَحُّ وَأَصْرَحُ مِنْ بِشَارَاتِهِمْ، وَإِخْبَارِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَهُمْ بِأَنَّ الْيَهُودَ يُقَاتِلُونَهُمْ فَيُظْهِرُهُمُ اللهُ ـ تَعَالَى ـ عَلَيْهِمْ. . (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) ، (11: 122) . عَلَى أَنَّ الْيَهُودَ لَمْ يَقِفُوا فِي الرِّبَا عِنْدَ حَدٍّ، فَقَدْ صَارُوا يَأْكُلُونَ الرِّبَا مِنْ إِخْوَانِهِمُ الْفُقَرَاءِ وَهُمْ مَنْهِيُّونَ فِي التَّوْرَاةِ عَنْهُ بِلَفْظِ " شَعْبِي الْفَقِيرُ "؛ كَمَا يُرَى فِي سِفْرِ الْخُرُوجِ (22: 25) ، وَقَدْ وَبَّخَهُمْ عَلَى ذَلِكَ نِحِمْيَا " الَّذِي كَانَ صَاحِبَ السَّعْيِ الْأَوَّلِ لِإِطْلَاقِهِمْ مِنَ السَّبْيِ، وَالْمُعِيدَ لِبِنَاءِ أُورْشَلِيمَ بَعْدَ خَرَابِهَا، وَالْحَاكِمَ فِيهَا
وَالْمُقِيمَ لِلسَّبْتِ، وَسَائِرِ الشَّرَائِعِ الَّتِي كَتَبَهَا لَهُمْ رَفِيقُهُ الْعُزَيْزُ (عِزْرَا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) ، (30) مِنْ أَوَّلِ هَذَا السِّيَاقِ، فَرَاجِعِ الْفَصْلَ الْخَامِسَ مِنْ سِفْرِ نِحِمْيَا، وَفِي نُبُوَّةِ حِزْقِيَالَ نَهْيٌ لَهُمْ عَنِ الرِّبَا تَارَةً بِالْإِطْلَاقِ، وَتَارَةً بِتَخْصِيصِ الْفَقِيرِ، كَمَا تَرَى فِي الْإِصْحَاحِ 18 مِنْهُ، وَكَذَلِكَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَطْلَقَ الْقَوْلَ فِي ذَمِّ الرِّبَا وَالرِّشْوَةِ فِي آخِرِ الْمَزْمُورِ الْخَامِسَ عَشَرَ. وَأَمَّا النَّصَارَى: فَقَدْ وَضَعَ لَهُمُ الْأَسَاقِفَةُ أَحْكَامًا لِلرِّبَا، وَالْقُرُوضِ فِيمَا يُسَمُّونَهُ اللَّاهُوتَ، وَلَيْسَ مِنْ مَوْضُوعِنَا بَيَانُ هَذَا بِالتَّفْصِيلِ، وَإِنَّمَا مَوْضُوعُنَا أَنَّ الرِّبَا الْمُحَرَّمَ عِنْدَ اللهِ ـ تَعَالَى ـ عَلَى أَلْسِنَةِ أَنْبِيَائِهِ لِضَرَرِهِ، مِمَّا يَأْكُلُهُ رُهْبَانُهُمْ أَفْرَادًا وَجَمَاعَاتٍ، وَأَنَّ لِبَعْضِ رُهْبَانَاتِهِمْ جَمْعِيَّاتٍ غَنِيَّةً مُعْظَمُ ثَرْوَتِهَا مِنَ الرِّبَا مِنْهَا جَمْعِيَّةٌ كَانَتْ قَدْ أَسَّسَتْ بِأَرْضِ فَرَنْسَةَ مَصْرِفًا مَالِيًّا (بَنْكًا) جَمَعُوا فِيهِ مِنَ الْأَمَانَاتِ أُلُوفَ الْأُلُوفِ، ثُمَّ ادَّعَوْا إِفْلَاسَهُ فَضَاعَتْ تِلْكَ الْأَمَانَاتُ الْكَثِيرَةُ عَلَى مُودِعِيهَا فِي مَصْرِفِهِمْ، فَهَاجَ عَلَيْهِمُ النَّاسُ هَيْجَةً شُؤْمَى فَكَانُوا يَهْجِمُونَ عَلَيْهِمْ فِي أَدْيَارِهِمْ، وَيُقَتِّلُونَهُمْ تَقْتِيلًا، ثُمَّ طَرَدَتْهُمْ فَرَنْسَةُ مِنْ بِلَادِهَا، وَإِنَّمَا تُسَاعِدُهُمْ فِي مُسْتَعْمَرَاتِهَا وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الشَّرْقِ لِتَرْوِيجِهِمْ لِسِيَاسَتِهَا. وَقَدِ اطَّلَعْتُ عَلَى نِظَامٍ فِي الطُّرُقِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي يَجْمَعُونَ بِهَا الْأَمْوَالَ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ وَمَذْهَبِهِمْ وَمِنْ أَهَمِّهَا حَمْلُ الْأَغْنِيَاءِ وَلَا سِيَّمَا الْمُثْرِيَاتُ مِنَ النِّسَاءِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِجَمْعِيَّتِهِمْ أَوْ بَعْضِ أَدْيَارِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ، أَوِ الْوَقْفِ عَلَيْهَا مِمَّا لَا حَاجَةَ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ إِلَى تَفْصِيلِهِ. وَحَسْبُنَا مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَيَانِ صِدْقِ كِتَابِ اللهِ ـ تَعَالَى ـ وَهُوَ مَا حَضَرَ فِي الذِّهْنِ وَخَطَرَ فِي الْبَالِ عِنْدَ الْكِتَابَةِ مِمَّا عَلِمْنَاهُ مِنَ التَّارِيخِ، وَكُلُّهُ حَقٌّ وَإِنْ فَاتَ أَكْثَرُهُ جَمِيعَ مَنْ عَرَفْنَا كُتُبَهُمْ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَمِدُّونَ مِثْلَ هَذَا إِلَّا مِنَ الرِّوَايَاتِ وَالْإِسْرَائِيلِّيَّاتِ، فَعَلَى الْقَارِئِ أَنْ يَعْتَبِرَ بِهِ، وَيَعْجَبَ مِنْ وَقَاحِةِ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ
الرُّؤَسَاءِ، كَيْفَ لَا يَخْجَلُونَ مِنْ بَثِّ الدُّعَاةِ فِي الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِدَعْوَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى دِينِهِمْ، وَمَنْ أَرَادَ التَّفْصِيلَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ فَلْيَرْجِعْ إِلَى كُتُبِ أَحْرَارِ أُورُبَّةَ وَالْكُتُبِ الَّتِي يَرُدُّ بِهَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَكُلُّ هَذَا الْفَسَادِ الَّذِي طَرَأَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست