responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 342
وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْبِشَارَاتِ لَا يَتِمُّ إِلَّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ ظُهُورِ الْمَهْدِيِّ، وَمَا يَتْلُوهُ مِنْ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ السَّمَاءِ وَإِقَامَتِهِ
لِدِينِ الْإِسْلَامِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَإِظْهَارِهِ بِالْحُكْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ، خِلَافًا لِمَا يَتَوَقَّعُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي صِفَتِهِ، وَقَدْ كَانَ شُيُوعُ هَذَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَسْبَابِ تَقَاعُدِهِمْ عَمَّا أَوْجَبَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ إِعْلَاءِ دِينِهِ، وَإِقَامَةِ حُجَّتِهِ وَحِمَايَةِ دَعْوَتِهِ، وَتَنْفِيذِ شَرِيعَتِهِ وَتَعْزِيزِ سُلْطَتِهِ اتِّكَالًا عَلَى أُمُورٍ غَيْبِيَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ لَا تُسْقِطُ عَنْهُمْ فَرِيضَةً حَاضِرَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَشْرَاطِ السَّاعَةِ مِنْ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ أَنَّ أَحَادِيثَ الْمَهْدِيِّ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ يُحْتَجُّ بِهِ، وَأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ مُتَعَارِضَةٌ مُتَدَافِعَةٌ، وَأَنَّ مَصْدَرَهَا نَزْعَةٌ سِيَاسِيَّةٌ شِيعِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَلِلشِّيعَةِ فِيهَا خُرَافَاتٌ مُخَالِفَةٌ لِأُصُولِ الدِّينِ لَا نَسْتَحْسِنُ نَشْرَهَا فِي هَذَا التَّفْسِيرِ. وَأَمَّا أَحَادِيثُ نُزُولِ عِيسَى فَبَعْضُ أَسَانِيدِهَا صَحِيحَةٌ، وَهِيَ عَلَى تَعَارُضِهَا وَارِدَةٌ فِي أَمْرٍ غَيْبِيٍّ مُتَعَلِّقٍ بِأَحَادِيثِ الدَّجَّالِ الْمُتَعَارِضَةِ مِثْلِهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْبَحْثِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَوَّضَ أَمْرُهَا إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَأَلَّا تَكُونَ سَبَبًا لِلتَّقْصِيرِ فِي إِقَامَةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا بِمَا شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى فِيهِمَا.
وَقَدْ كَانَ الْيَهُودُ يَتَّكِلُونَ فِي إِعَادَةِ مُلْكِهِمْ فِي فِلَسْطِينَ وَمَا جَاوَرَهَا عَلَى مَا فِي كُتُبِ أَنْبِيَائِهِمْ مِنَ الْبَشَائِرِ بِظُهُورِ الْمَسِيحِ (مِسْيَا) الَّذِي يُعِيدُهُ لَهُمْ بِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ، وَمَرَّتْ أُلُوفُ السِّنِينَ، وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ هَبُّوا إِلَى إِعَادَتِهِ بِالْأَسْبَابِ الْكَسْبِيَّةِ حَتَّى إِنَّهُمْ سَخَّرُوا الدَّوْلَةَ الْإِنْكِلِيزِيَّةَ لِمُسَاعَدَتِهِمْ عَلَيْهِ، وَمُعَادَاةِ الْعَرَبِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِهِ، أَفَلَسْنَا أَحَقَّ بِحِفْظِ مَا بَقِيَ مِنْ مُلْكِنَا، وَاسْتِعَادَةِ مَا فَقَدْنَا مِنْهُ بِكَسْبِنَا وَاجْتِهَادِنَا، مِنْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ عَلَى قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِنَا؟ بَلَى وَاللهِ، وَإِنَّ مِنَ الْجَهْلِ بِالدِّينِ وَسُنَنِ اللهِ فِي الْخَلْقِ أَنْ نُقَصِّرَ فِي ذَلِكَ اتِّكَالًا عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَتَى جَاءَ وَكُنَّا مُقِيمِينَ لِدِينِنَا كُنَّا أَجْدَرَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ، بَلْ لَا يُعْقَلُ أَنْ يَعْتَدَّ الْمَهْدِيُّ وَالْمَسِيحُ بِدِينِ أَحَدٍ لَا يَفْعَلُ مَا يَسْتَطِيعُ فِي إِقَامَةِ فَرَائِضِ اللهِ وَحُدُودِهِ وَسَبَقَ لِي أَنْ أَطَلْتُ فِي بَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِي (الْحِكْمَةُ
الشَّرْعِيَّةُ) الَّذِي أَلَّفْتُهُ فِي عَهْدِ طَلَبِي لِلْعِلْمِ فِي طَرَابُلُسِ الشَّامِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي هَذَا السِّيَاقِ مَا نَرْجُوهُ وَنَتَوَقَّعُهُ مِنْ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْقَرِيبِ، وَبِذَلِكَ تَتِمُّ هَذِهِ الْبِشَارَاتُ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، وَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (24: 55) الْآيَةَ.
وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ الْإِظْهَارَ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي مِثْلِهِ مِنَ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَالشِّرْكُ أَخَصُّ مِنَ الْكُفْرِ، وَفِي الْجُمْلَتَيْنِ إِخْبَارٌ بِأَنَّ إِتْمَامَ اللهِ لِدِينِهِ، وَإِظْهَارَهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ سَيَكُونُ بِالرَّغْمِ مِنْ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 342
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست