responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 270
مِمَّا تَقَدَّمَ آنِفًا وَمَا سَنُفَصِّلُهُ بِهِ تَذْكِيرًا بِمَا فَصَّلْنَاهُ مِنْ قَبْلُ، أَنَّ هَذَا كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي سُورَتَيِ الْأَنْفَالِ وَالْبَقَرَةِ أَنَّ مِنْ غَايَاتِ الْقِتَالِ فِيهِ مَنْعَ الْفِتْنَةِ فِي الدِّينِ، أَيْ اضْطِهَادَ النَّاسِ لِأَجْلِ إِيمَانِهِمْ وَإِكْرَاهِهِمْ عَلَى تَرْكِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ (2: 256) وَنَصُّ الْأَمْرِ بِقِتَالِ مَنْ يُقَاتِلُنَا وَيُعَادِينَا فِي دِينِنَا، وَالنَّهْيِ عَنِ الِاعْتِدَاءِ الْمَحْضِ، وَنَصُّ تَفْضِيلِ السِّلْمِ عَلَى الْحَرْبِ، وَوُجُوبِ الْجُنُوحِ إِلَيْهَا إِذَا جَنَحَ الْعَدُوُّ، وَنَصُّ جَعْلِ الْغَرَضِ الْأَوَّلِ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لِلْقِتَالِ إِرْهَابَ الْأَعْدَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَكُفُّوا عَنِ الِاعْتِدَاءِ، وَنُصُوصُ أَحْكَامِ الْمُعَاهِدِينَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَتَحْرِيمِ قِتَالِهِمْ مَا دَامُوا مُحَافِظِينَ عَلَى الْعَهْدِ، وَمِنْ أَعْجَبِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْمُسْلِمِينَ غَيْرِ
الْخَاضِعِينَ لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، كَالَّذِينِ أَسْلَمُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ فِي عَهْدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ (8: 72) وَقَدْ بَيَّنَّا مِرَارًا أَنَّهُ كَانَ مِنْ سِيَاسَةِ الْإِسْلَامِ إِبْطَالُ الْوَثَنِيَّةِ وَعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَجَعْلِهَا مَوْئِلَهُ وَمَأْرَزَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَا قَاتَلَ مُشْرِكِيهَا إِلَّا دِفَاعًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.
أَمَّا الْحَرْبُ وَالْقِتَالُ لِمَحْضِ الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ، وَالضَّرَاوَةِ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ كَحُرُوبِ بَعْضِ الْمُلُوكِ الْمُسْتَبِدِّينَ وَالْغَابِرِينَ - أَوْ لِغَرَضِ الِانْتِقَامِ وَالْبُغْضِ الدِّينِيِّ كَالْحُرُوبِ الصَّلِيبِيَّةِ، أَوْ لِأَجْلِ الطَّمَعِ فِي الْمَالِ وَسَعَةِ الْمُلْكِ، وَتَسْخِيرِ الْبَشَرِ وَإِرْهَاقِهِمْ ; لِتَمَتُّعِ الْقَوِيِّ بِثَمَرَاتِ كَسْبِ الضَّعِيفِ كَحُرُوبِ أُورُبَّةَ الِاسْتِعْمَارِيَّةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ - فَكُلُّ هَذِهِ الْحُرُوبِ مُحَرَّمَةٌ فِي الْإِسْلَامِ لَا يُبِيحُ شَيْئًا مِنْهَا، لِأَنَّهَا لِحُظُوظِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا، وَمِنْ إِهَانَةِ الدِّينِ الْمُغْضِبَةِ لِشَارِعِ الدِّينِ أَنْ يُتَّخَذَ الدِّينُ وَسِيلَةً لَهَا. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا بَسَطْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ وَعَمَلِ الصَّحَابَةِ بِهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا ذُكِرَ فِي شَيْءٍ، وَأَنَّهَا مَالٌ حَقِيرٌ قَلِيلٌ لَا يُفْقِرُ مُعْطِيهِ، وَلَا يُغْنِي آخِذِيهِ، وَأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا أَنْ تَكُونَ عَنْ قُدْرَةٍ وَسَعَةٍ، وَأَلَّا يُكَلَّفَ أَحَدٌ مِنْهَا مَا لَا يُطِيقُ.
وَأَمَّا كَوْنُهَا عُنْوَانَ الدُّخُولِ فِي حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَقَبُولِ سِيَادَةِ أَهْلِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَلَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يُبِيحُ لِلْمُسْلِمِينَ شَيْئًا مِنَ الظُّلْمِ وَالْإِرْهَاقِ وَاسْتِنْزَافِ ثَرْوَةِ الَّذِينَ يَقْبَلُونَهُ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 270
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست