responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 244
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِنَجَاسَةِ أَعْيَانِهِمْ فَهُوَ لَا مَعْنَى لَهُ فِي لُغَةِ الْقُرْآنِ إِلَّا قَذَارَتَهَا الذَّاتِيَّةَ وَنَتْنَهَا، وَذَوَاتُ الْمُشْرِكِينَ كَذَوَاتِ سَائِرِ الْبَشَرِ بِشَهَادَةِ الْحِسِّ، وَمَنْ كَابَرَ شَهَادَةَ الْحِسِّ كَابَرَ دَلَالَةَ النَّظَرِ الْعَقْلِيِّ وَاللُّغَوِيِّ بِالْأَوْلَى، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ نَجَاسَةً تَعَبُّدِيَّةً إِلَّا بِنَصٍّ صَرِيحٍ فِي إِيجَابِ غَسْلِ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنَ الْبَلَلِ، وَهُوَ لَا وُجُودَ لَهُ، وَإِنَّمَا الْمَوْجُودُ خِلَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدِ اتَّبَعَ الْقَائِلُونَ بِهِ سُنَنَ بَعْضِ وَثَنِيِّ الْهِنْدِ، وَبَعْضِ مُتَعَصِّبِي النَّصَارَى الَّذِينَ يَعُدُّونَ كُلَّ مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ نَجَسًا، وَمَا هَذَا بِمَذْهَبٍ، وَلَكِنَّهُ مِنْ سَخَافَاتِ التَّعَصُّبِ، وَقَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ وَلَا يَزَالُونَ يَرَوْنَ أَنَّ هَذِهِ الْمَعْمُودِيَّةَ تُغْنِي صَاحِبَهَا عَنِ الْغَسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَوْ مُطْلَقًا، وَحُكِيَ لَنَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ تَمُرُّ عَلَيْهِ الشُّهُورُ وَالْأَحْوَالُ وَلَا يَغْتَسِلُ فِيهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَيُعَلِّلُ بَعْضُ قُسُوسِهِمْ الْمُتَعَصِّبِينَ عِنَايَةَ الْمُسْلِمِينَ بِالطَّهَارَةِ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْأَنْجَاسِ بِأَنَّ أَبْدَانَهُمْ يَخْرُجُ مِنْهَا الدُّودُ دَائِمًا لِعَدَمِ تَعَمُّدِهِمْ، وَقَدْ حَدَّثَنَا بَعْدُ فُضَلَاءُ الْمِصْرِيِّينَ أَنَّهُ كَانَ فِي فَرَنْسَةَ
فَرَأَى أَنَّ غُلَامًا لِصَاحِبِ الْفُنْدُقِ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَنْظُرُ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَتَوَضَّأُ فِيهِ الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ أَوِ اللُّغَوِيَّ ثُمَّ يَذْهَبُ إِلَى وَالِدَتِهِ فَيُوَشْوِشُهَا، فَلَمَّا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ سَأَلَ وَالِدَتَهُ عَنْ ذَلِكَ وَمَا يَقُولُهُ لَهَا؟ فَتَمَنَّعَتْ فَأَلَحَّ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ يَقُولُ لَهَا يَا أُمِّي إِنَّنِي لَا أَرَى فِي الْمَاءِ الَّذِي يَغْسِلُ فِيهِ هَذَا الْمُسْلِمُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ دُودًا كَمَا قَالَ لَنَا مُعَلِّمُنَا الْقِسِّيسُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي دُخُولِ غَيْرِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْكُفَّارِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَبِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ لَخَّصَ أَقْوَالَهُمُ الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْخَازِنُ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ وَبِغَيْرِ عَزْوٍ فَقَالَ: وَجُمْلَةُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: (الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) الْحَرَمُ، فَلَا يَجُوزُ لِكَافِرٍ أَنْ يَدْخُلَهُ بِحَالٍ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ مُسْتَأْمَنًا لِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَمَالِكٌ، فَلَوْ جَاءَ رَسُولٌ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ وَالْإِمَامُ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْحَرَمِ، بَلْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ يَبْعَثُ إِلَيْهِ مَنْ يَسْمَعُ رِسَالَتَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ لِلْمُعَاهِدِ دُخُولَ الْحَرَمِ.
(الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ الْحِجَازُ وَحْدَهُ مَا بَيْنَ الْيَمَامَةِ وَالْيَمَنِ وَنَجْدٍ وَالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، قِيلَ: نِصْفُهَا تِهَامِيٌّ وَنِصْفُهَا حِجَازِيٌّ، وَقِيلَ: كُلُّهَا حِجَازِيٌّ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست