responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 241
وَلَفْظُ (نَجَسٌ) فِيهَا بِالتَّحْرِيكِ مَصْدَرُ نَجِسَ الشَّيْءُ (مِنْ بَابِ تَعِبَ) فَهُوَ نَجِسٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ - إِذَا كَانَ قَذِرًا غَيْرَ نَظِيفٍ، وَالِاسْمُ النَّجَاسَةُ. وَالْوَصْفُ بِالْمَصْدَرِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْمُفْرَدُ وَالْمُثَنَّى وَالْجَمْعُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَيُرَادُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْوَصْفِ بِجَعْلِ الْمَوْصُوفِ كَأَنَّهُ عَيْنُ الصِّفَةِ. وَإِذَا وُصِفَ الْإِنْسَانُ بِأَنَّهُ نَجِسٌ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ شِرِّيرٌ خَبِيثُ النَّفْسِ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرَ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ فِي الْحِسِّ. وَإِذَا وُصِفَ بِهِ الدَّاءُ أَوْ صَاحِبُهُ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ عُضَالٌ لَا يَبْرَأُ، وَلَمْ يُذْكَرْ هَذَا اللَّفْظُ وَلَا كَلِمَةٌ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ التَّنْزِيلِ، وَهُوَ يُسْتَعْمَلُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْقَذِرِ وَالْخَبِيثِ حِسًّا أَوْ مَعْنًى كَالرِّجْسِ الَّذِي تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ [ص48 وَمَا بَعْدَهَا ج 7 ط الْهَيْئَةِ] .
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ: النَّجَسُ وَالنَّجِسُ (بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ) وَالنَّجَسُ بِالتَّحْرِيكِ: الْقَذِرُ مِنَ النَّاسِ، وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَذَرْتَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَدَاءٌ نَجِسٌ وَنَاجِسٌ وَنَجِيسٌ عُقَامٌ لَا يُبْرَأُ مِنْهُ، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ صَاحِبُ الدَّاءِ، وَالنَّجَسُ اتِّخَاذُ عَوْذَةٍ لِلصَّبِيِّ، وَقَدْ نَجُسَ لَهُ وَنَجَّسَهُ عَوَّذَهُ (قَالَ) الْجَوْهَرِيُّ: وَالتَّنْجِيسُ شَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ كَالْعَوْذَةِ تُدْفَعُ بِهَا الْعَيْنُ (وَقَالَ) اللَّيْثُ: الْمَنْجَسُ الَّذِي يُعَلَّقُ عَلَيْهِ عِظَامٌ أَوْ خِرَقٌ وَيُقَالُ لِلْمُعَوِّذِ: مُنَجِّسٌ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُعَلِّقُونَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَمَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ عُيُونُ الْجِنِّ الْأَقْذَارَ مِنْ خِرَقِ الْمَحِيضِ، وَيَقُولُونَ: الْجِنُّ لَا تَقْرَبُهَا انْتَهَى مُلَخَّصًا بِحُرُوفِهِ. وَفِيهِ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ التَّنَجُّسِ رَفْعُ النَّجَسِ، يَعْنِي ضَرَرَ الْجِنِّ، كَالتَّحْرِيمِ وَالْمَأْثَمِ وَالتَّحَنُّثِ وَهُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ فَاعِلُهُ مِنَ الْحَرَجِ وَالْإِثْمِ وَالْحِنْثِ.
وَقَالَ الرَّاغِبُ: النَّجَاسَةُ الْقَذَارَةُ وَذَلِكَ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ يُدْرَكُ بِالْحَاسَّةِ، وَضَرْبٌ
يُدْرَكُ بِالْبَصِيرَةِ. وَالثَّانِي: وَصَفَ اللهُ بِهِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ وَيُقَالُ: نَجَّسَهُ إِذَا جَعَلَهُ نَجِسًا، وَنَجَّسَهُ أَيْضًا أَزَالَ نَجَسَهُ، وَمِنْهُ تَنْجِيسُ الْعَرَبِ، وَهُوَ شَيْءٌ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ تَعْلِيقِ عَوْذَةٍ عَلَى الصَّبِيِّ لِيَدْفَعُوا عَنْهُ نَجَاسَةَ الشَّيْطَانِ. وَالنَّاجِسُ وَالنَّجِيسُ دَاءٌ خَبِيثٌ لَا دَوَاءَ لَهُ اهـ.
أَقُولُ: لَا تَزَالُ سَلَائِلُ الْعَرَبِ فِي الْبَدْوِ وَالْحَضَرِ يَقُولُونَ: فُلَانٌ نَجَسٌ بِمَعْنَى خَبِيثٍ ضَارٍّ مُؤْذٍ. كَمَا أَنَّ الْجَاهِلِينَ مِنْهُمْ بِالْإِسْلَامِ لَا يَزَالُونَ يُعَلِّقُونَ التَّنَاجِيسَ وَالتَّعَاوِيذَ عَلَى الْأَوْلَادِ لِوِقَايَتِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْعَيْنِ الْخَبِيثَةِ مِنَ الْإِنْسِ، وَكَذَلِكَ الْعِبْرَانِيُّونَ يُسَمُّونَ الدَّاءَ الْعُضَالَ نَجَسًا وَصَاحِبَهُ نَجَسًا وَشِفَاءَهُ طَهَارَةً.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّاغِبِ وَغَيْرِهِ أَنَّ إِطْلَاقَ النَّجَسِ عَلَى الْقَذَرِ وَالْخُبْثِ الْحِسِّيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا وَهُوَ الَّذِي أَفْهَمُهُ، وَمِنْهُ الْمَعَاصِي وَالدَّاءُ الْعُضَالُ، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قِسْمِ الْحَقِيقَةِ، وَنَقَلَ قَوْلَ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً كَانَ قَدْ زَنَى بِهَا: هُوَ أَنْجَسَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَقَوْلُهُمْ فِي الدَّاءِ، وَذَكَرَ مِنْهَا شَاهِدًا فِي الْبَيْتِ قَوْلَ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤْيَةَ:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست