responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 221
وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعَهُ وَأَحَاطُوا بِبَغْلَتِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ اللُّهَامِ كَمَا يُعْلَمُ هَذَا وَذَاكَ مِنَ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ الْآتِيَةِ، ثُمَّ عَلَى سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ فَأَذْهَبَ رَوْعَهُمْ، وَأَزَالَ حَيْرَتَهُمْ وَاضْطِرَابَهُمْ، وَعَادَ إِلَيْهِمْ مَا كَانَ زَالَ أَوْ زُلْزِلَ مِنْ ثَبَاتِهِمْ وَشَجَاعَتِهِمْ، وَلَاسِيَّمَا عِنْدَ مَا سَمِعُوا نِدَاءَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَنِدَاءَ الْعَبَّاسِ يَدْعُوهُمْ إِلَى نَبِيِّهِمْ بِأَمْرِهِ كَمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا قَالَ: وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يَقُلْ " وَعَلَيْكُمْ " ; لِأَنَّ الْخِطَابَ لِلْجَمَاعَةِ وَفِيهِمْ بَقِيَّةٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَضُعَفَاءِ الْإِيمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَسَتَأْتِي شَوَاهِدُهُ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ. فَيَا لَلَّهِ الْعَجَبُ مِنْ هَذِهِ الدِّقَّةِ فِي بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا أَيْ: وَأَنْزَلَ مَعَ هَذِهِ السِّكِّينَةِ جُنُودًا رُوحَانِيَّةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمْ تَرَوْهَا بِأَبْصَارِكُمْ، وَإِنَّمَا وَجَدْتُمْ أَثَرَهَا فِي قُلُوبِكُمْ، بِمَا عَادَ إِلَيْهَا مِنْ ثَبَاتِ الْجَأْشِ، وَشِدَّةِ الْبَأْسِ وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الدُّنْيَا بِكُفْرِهِمْ، مَا دَامُوا يَسْتَحِبُّونَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ، وَيُعَادُونَ أَهْلَهُ وَيُقَاتِلُونَهُمْ عَلَيْهِ، كَمَا وَعَدَكُمْ فِيمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ أَوِ الْبَلَاغِ: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ
وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ (14) الْآيَةَ. وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجَزَاءِ مَنْ كَانَ حَالُهُ مِثْلَ حَالِ أُولَئِكَ الْكَافِرِينَ فِي قِتَالِ مَنْ كَانَ عَلَى هَدْيِ أُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا التَّعْذِيبِ الَّذِي يَكُونُ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْكَافِرِينَ فَيَهْدِيهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهُمُ الَّذِينَ لَمْ تُحِطْ بِهِمْ خَطِيئَاتُ جَهَالَةِ الشِّرْكِ وَخُرَافَاتُهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يَخْتِمْ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِالْإِصْرَارِ عَلَى الْجُحُودِ وَالتَّكْذِيبِ، أَوِ الْجُمُودِ عَلَى مَا أَلِفُوا بِمَحْضِ التَّقْلِيدِ، وَاللهُ غَفُورٌ لِمَنْ يَتُوبُ عَنِ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي رَحِيمٌ بِهِمْ. وَنُكْتَةُ التَّعْبِيرِ عَنْ هَذِهِ التَّوْبَةِ، وَمَا يَتْلُوهَا مِنَ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ " يَتُوبُ " إِعْلَامُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ مَا وَقَعَ فِي حُنَيْنٍ مِنْ إِيمَانِ أَكْثَرِ مَنْ بَقِيَ مِنَ الَّذِينَ غُلِبُوا وَعُذِّبُوا بِنَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ، سَيَقَعُ مِثْلُهُ لِكُلِّ الَّذِينَ يُقْدِمُونَ عَلَى قِتَالِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ عَوْدَةِ حَالِ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ، فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ اللهِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْبَشَرِيِّ أَنْ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَمَا مِنْ حَرْبٍ مِنْ حُرُوبِ الْمُسْلِمِينَ الدِّينِيَّةِ الصَّحِيحَةِ إِلَّا وَكَانَ عَاقِبَتُهَا كَذَلِكَ. وَلَمَّا صَارَ الْإِسْلَامُ جِنْسِيَّةً، وَحُرُوبُ أَهْلِهِ أَهْوَاءً دُنْيَوِيَّةً فَقَدُوا ذَلِكَ.
(فَصْلٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ، الْمُفَسِّرَةِ لِإِجْمَالِيِّ هَذِهِ الْآيَاتِ)
الْخُرُوجُ إِلَى حُنَيْنٍ وَالْقِتَالِ وَالْهَزِيمَةِ:
قَالَ الْحَافِظُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْغَزْوَةِ مِنَ الْفَتْحِ: قَالَ أَهْلُ الْمَغَازِي: خَرَجَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى حُنَيْنٍ لَسِتٍّ خَلَتْ مِنْ شَوَّالٍ، وَقِيلَ: لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ رَمَضَانَ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْخُرُوجِ فِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ، وَسَارَ سَادِسَ شَوَّالٍ، وَكَانَ وُصُولُهُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 221
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست