responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 21
تَسْتَصْغِرُونَ بِمُلَاحَظَةِ مَعْنَاهُ كُلَّ مَا عَدَاهُ، وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ الْيَقِينِ بِأَنْ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ.
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ هَذَا الرَّجَاءُ مَنُوطٌ بِالْأَمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا، أَيْ: إِنَّ الثَّبَاتَ وَذِكْرَ اللهِ تَعَالَى هُمَا السَّبَبَانِ الْمَعْنَوِيَّانِ لِلْفَلَاحِ وَالْفَوْزِ فِي الْقِتَالِ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ فِي نَيْلِ الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا مِثَالَهُ مِنَ الْوَقَائِعِ الْبَشَرِيَّةِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَأَمْثِلَتُهُ أَظْهَرُ وَأَكْثَرُ، وَمِنْ أَظْهَرِهَا مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سِيَاقِهِ، وَهَذِهِ السُّورَةُ بِجُمْلَتِهَا فِي بَيَانِ حُكْمِهِ وَأَحْكَامِهِ وَسُنَنِ اللهِ فِيهِ وَهُوَ غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَقَدْ كَانَ الْكُفَّارُ يَمْتَرُونَ فِي كَوْنِ الْإِيمَانِ - وَلَا سِيَّمَا الصَّحِيحُ وَهُوَ إِيمَانُ التَّوْحِيدِ الْخَالِي مِنَ الْخُرَافَاتِ، وَمَا يَسْتَلْزِمُهُ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ تَعَالَى فِي الشَّدَائِدِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغَاثَتِهِ - مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ فِي الْحَرْبِ، وَلَكِنَّ هَذَا قَدْ صَارَ مَعْرُوفًا عِنْدَ عُلَمَاءِ الِاجْتِمَاعِ وَفَلْسَفَةِ التَّارِيخِ، وَعِلْمِ النَّفْسِ وَعِنْدَ قُوَّادِ الْجُيُوشِ، وَزُعَمَاءِ السِّيَاسَةِ، وَمِمَّا ذَكَرُوا مِنْ أَسْبَابِ فَلْجِ الْبُوَيْرِ عَلَى الْإِنْكِلِيزِ فِي وَقَائِعَ كَثِيرَةٍ فِي حَرْبِ التِّرِنْسِفَالِ أَنَّ التَّدَيُّنَ فِي مُقَاتَلَتِهِمْ أَكْثَرُ وَأَقْوَى مِنْهُ فِي الْجُنُودِ الْإِنْكِلِيزِيَّةِ.
وَثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ انْتِصَارِ الْجَيْشِ الْبُلْغَارِيِّ عَلَى الْجَيْشِ التُّرْكِيِّ فِي حَرْبِ الْبَلْقَانِ الْمَشْهُورَةِ، مَا كَانَ مِنْ إِبْطَالِ الْقُوَّادِ وَالضُّبَّاطِ مِنَ التَّرْكِ لِلْآذَانِ وَالصَّلَاةِ مِنَ الْجَيْشِ، وَالدَّعَايَةِ الَّتِي بَثُّوهَا فِيهِ مِنْ وُجُوبِ الْحَرْبِ لِلْوَطَنِ، وَبِاسْمِ
الْوَطَنِ، وَلِشَرَفِ الْوَطَنِ - فَلَمَّا عَلِمُوا بِهَذَا أَعَادُوا الْمُؤَذِّنِينَ وَالْأَئِمَّةَ بِعَمَائِمِهِمْ إِلَى كُلِّ تَابُورٍ، وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ فِيهِمْ. وَقَدْ رَوَتِ الْجَرَائِدُ أَنَّ الْعَسَاكِرَ لَمَّا سَمِعَتِ الْأَذَانِ صَارَتْ تَبْكِي بُكَاءً بِنَشِيجٍ عَالٍ كَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ، وَكَانَ تَأْثِيرُ ذَلِكَ بِعَوْدِ الْكَرَّةِ لَهُمْ عَلَى الْبُلْغَارِ ظَاهِرًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْمَنَارِ كُلَّ وَاحِدٍ فِي وَقْتِهِ، وَسَوْفَ يَرَى التُّرْكُ سُوءَ عَاقِبَةِ كُفْرِ حُكُومَتِهِمْ، وَمُحَاوَلَتِهَا إِفْسَادَ دِينِ شَعْبِهَا عَلَيْهِ.
وَقَدْ نَشَرْنَا فِي (ص846 و847) مِنْ مُجَلَّدِ الْمَنَارِ الْأَوَّلِ حَدِيثًا لِلْبِرِنْسِ بِسْمَارِكَ وَزِيرِ أَلْمَانْيَةَ وَمُؤَسِّسِ وَحْدَتِهَا، الَّذِي انْتَهَتْ إِلَيْهِ زَعَامَةُ السِّيَاسَةِ وَالتَّفَوُّقِ فِي أُورُبَّةَ عَلَى جَمِيعِ سَاسَةِ الْأُمَمِ فِي عَصْرِهِ، قَالَ فِيهِ: إِنَّ مِنْ تَأْثِيرِ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِ الشَّعْبِ ذَلِكَ الشُّعُورُ الَّذِي يَنْفُذُ إِلَى أَعْمَاقِ الْقُلُوبِ بِاسْتِحْسَانِ الْمَوْتِ فِي سَبِيلِ الدِّفَاعِ عَنِ الْوَطَنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَمَلٌ فِي الْمُكَافَأَةِ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: " ذَلِكَ لِمَا اسْتَكَنَّ فِي الضَّمَائِرِ مِنْ بَقَايَا الْإِيمَانِ، ذَلِكَ لِمَا يَشْعُرُ بِهِ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ أَنَّ وَاحِدًا مُهَيْمِنًا يَرَاهُ وَهُوَ يُجَالِدُ وَيُجَاهِدُ وَيَمُوتُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِدُهُ يَرَاهُ ".
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُرْتَابِينَ: أَتَظُنُّ سَعَادَتُكُمْ أَنَّ الْعَسَاكِرَ يُلَاحِظُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ تِلْكَ الْمُلَاحَظَةَ؟ فَأَجَابَهُ الْبِرِنْسُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُلَاحَظَاتِ وَإِنَّمَا هُوَ شُعُورٌ وَوِجْدَانٌ، هُوَ بَوَادِرُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست