responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 174
نَظِيرُهُ فِي تَفْسِيرِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (8: 57) وَهَذَا مِمَّا امْتَازَ بِهِ الْإِسْلَامُ عَلَى جَمِيعِ شَرَائِعِ الْأُمَمِ وَقَوَانِينهَا مِنْ جَعْلِ الْحَرْبِ ضَرُورَةً مُقَيَّدَةً بِإِرَادَةِ مَنْعِ الْبَاطِل، وَتَقْرِيرِ الْحَقِّ وَالْفَضَائِلِ.
وَاسْتَدَلَّ الْحَنَفِيَّةُ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْكَافِرِ لَا تَنْعَقِدُ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا وَجَبَ عَلَيْنَا الْوَفَاءُ لِمَنْ وَفَّى بِهَا مِنْهُمْ وَاسْتَقَامَ عَلَى وَفَائِهِ وَالْآيَاتُ صَرِيحَةٌ فِي الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا نَفَاهَا عَنِ النَّاكِثِينَ، وَأَعْلَمَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا عَازِمِينَ عَلَى النَّكْثِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، وَهُوَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَيْمَانٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَمَا كَانَ لَهُمْ نَكْثٌ وَقَدْ أَثْبَتَتْهُمَا لَهُمُ الْآيَةُ التَّالِيَةُ.
أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
لَعَلَّ اللهَ عَلِمَ أَنَّ فِي نَفْسِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كُرْهًا لِقِتَالِ مَنْ بَقِيَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَظُهُورِ الْإِسْلَامِ لِأَمْنِهِمْ مِنْ ظُهُورِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَرَجَائِهِمْ فِي إِيمَانِهِمْ، وَعَلِمَ أَنَّهُمْ يَعْتَذِرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فِي سَرَائِرِهِمْ بِمَا لَيْسَ بِحَقٍّ، وَلَا مَصْلَحَةٍ لِلْإِسْلَامِ، وَعَلِمَ اللهُ أَنَّهُ يُوجَدُ فِيهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَمَرْضَى الْقُلُوبِ مَنْ يُزَيِّنُ ذَلِكَ لَهُمْ. وَاللهُ يُرِيدُ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ تَطْهِيرَ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ مِنَ الشِّرْكِ وَخُرَافَاتِهِ، وَتَمْحِيصَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النِّفَاقِ وَدَنَاءَاتِهِ، لِهَذَا أَعَادَ الْكَرَّةَ إِلَى إِقَامَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِ قِتَالِ النَّاكِثِينَ الْمُعْتَدِينَ مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْآيَاتِ الْجَامِعَةِ. فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ هَذَا تَحْرِيضٌ عَلَى قِتَالِهِمْ بِأَوْجَهِ وُجُوهِ الْأَدِلَّةِ وَأَقْوَاهَا، وَأَوْضَحِ أَسَالِيبِ الْبَيَانِ وَأَسْمَاهَا، وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لِلْإِنْكَارِ الَّذِي يُحِيلُ النَّفْيَ إِثْبَاتًا كَمَا يُحَوِّلُ الْإِثْبَاتَ إِلَى النَّفْيِ، وَقَدْ دَخَلَ هُنَا عَلَى نَفْيِ الْقِتَالِ فَكَانَ دَلِيلًا عَلَى إِثْبَاتِهِ وَوُجُوبِهِ، وَأَقَامَ عَلَى هَذَا الْوُجُوبِ ثَلَاثَ حُجَجٍ
(إِحْدَاهَا) نَكْثُهُمْ لِأَيْمَانِهِمُ الَّتِي حَلَفُوهَا، لِتَأْكِيدِ عَهْدِهِمُ الَّذِي عَقَدُوهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست