responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 169
وَكَرَاهَتُهُمْ لِلْإِيمَانِ وَأَهْلِهِ لَا لَكُمْ وَحْدَكُمْ، فَلَا عِلَاجَ لَهُمْ إِذًا إِلَّا الرُّجُوعُ عَنْ كُفْرِهِمْ وَالِاعْتِصَامُ مَعَكُمْ بِعُرْوَةِ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ، وَمَا تَقْتَضِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَفَضَائِلِ الْأَخْلَاقِ.
فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ هَذَا بَيَانٌ لِمَا سَيَكُونُ مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ تِلْكَ الْعَدَاوَةِ لِلْإِسْلَامِ
وَأَهْلِهِ، وَهُوَ لَا يَعْدُو أَمْرَيْنِ فَصَّلَهُمَا تَعَالَى، وَبَيَّنَ حُكْمَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، قَالَ: فَإِنْ تَابُوا عَنْ شِرْكِهِمْ وَصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ بِالْفِعْلِ، وَمَنْ يُرِيدُ الْإِيمَانَ أَوْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ، وَمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْ نَقْضِ الْعُهُودِ وَخَفْرِ الذِّمَمِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ بِدُخُولِهِمْ فِي جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، الَّذِي لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ إِلَّا بِإِقَامَةِ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْخَامِسَةِ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ أَيْ: فَهُمْ حِينَئِذٍ إِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ لَهُمْ مَا لَكُمْ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْكُمْ، وَبِهَذِهِ الْأُخُوَّةِ يُهْدَمُ كُلُّ مَا كَانَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِنْ عَدَاوَةٍ. وَهُوَ نَصٌّ فِي أَنَّ أُخُوَّةَ الدِّينِ تَثْبُتُ بِهَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ، وَلَا تَثْبُتُ بِغَيْرِهِمَا مِنْ دُونِهِمَا، وَالثَّانِي مُقَيَّدٌ بِشَرْطِهِ وَهُوَ مِلْكُ النِّصَابِ مُدَّةَ الْحَوْلِ، وَالْكَلَامُ فِي جُمْلَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِمُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَهَلْ يَتَعَارَفُ الْإِخْوَانُ فِي الدِّينِ إِلَّا بِإِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ وَسَائِرِ الْمَعَاهِدِ، وَبِأَدَاءِ الصَّدَقَاتِ لِلْمُوَاسَاةِ بَيْنَهُمْ، وَلِإِقَامَةِ غَيْرِهَا مِنَ الْمَصَالِحِ؟ وَهَذِهِ الْأُخُوَّةُ أَوَّلُ مَزِيَّةٍ دُنْيَوِيَّةٍ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا مَحْرُومِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُخُوَّةِ الْعَظِيمَةِ، بَعْضُهُمْ حَرْبٌ لِبَعْضٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَّا مَا يَكُونُ مِنْ عَهْدٍ أَوْ جِوَارٍ قَلَّمَا يَفِي بِهِ الْقَوِيُّ لِلضَّعِيفِ دَائِمًا وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أَيْ: وَنُبَيِّنُ الْآيَاتِ الْمُفَصِّلَةَ لِلدَّلَائِلِ، الْفَاصِلَةِ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، وَبَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْمُفَرِّقَةَ بَيْنَ الْفَضَائِلِ وَالرَّذَائِلِ، لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وُجُوهَ الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ، فَهُمُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَهَا دُونَ الْجَاهِلِينَ مِنْ مُتَّبِعِي الظُّنُونِ وَالْمُقَلِّدِينَ.
رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَرَّمَتْ هَذِهِ الْآيَةُ دِمَاءَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: افْتُرِضَتِ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ جَمِيعًا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست