responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 151
الْجِزْيَةَ لِقَوْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَاسِخَةً لِلْحَدِيثِ لِضَعْفِ الْإِسْلَامِ.
وَأَقُولُ: قَدْ غَفَلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَاوَلُوا الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ عَنْ كَوْنِ الْآيَةِ فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ لَا عَهْدَ لَهُمْ، وَالَّذِينَ نُبِذَتْ عُهُودُهُمْ، وَضُرِبَ لَهُمْ مَوْعِدُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، وَالْحَبَشَةُ نَصَارَى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى (5: 82) الْآيَاتِ. وَمِنَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَالتُّرْكُ كَانُوا وَثَنِيِّينَ عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ كَمُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِي عُمُومِ الْآيَةِ. ثُمَّ إِنَّ الْأَمْرَ بِتَرْكِ قِتَالِ التُّرْكِ وَالْحَبَشَةِ
جَاءَ تَحْذِيرًا مِنْ بَدْئِهِمْ بِالْقِتَالِ، لَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ خَطَرًا عَلَى الْعَرَبِ وَبِلَادِهِمْ سَيَقَعُ مِنْهُمْ، وَالْأَمْرُ بِقِتَالِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهِمْ هُمُ الَّذِينَ بَدَءُوا الْمُسْلِمِينَ، وَنَكَثُوا عُهُودَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ: أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (13) وَعَلَى كَوْنِ قِتَالِهِمْ كَافَّةً جَزَاءً بِالْمِثْلِ كَمَا قَالَ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً (36) فَكَيْفَ يَدْخُلُ وَثَنِيُّو التُّرْكِ وَنَصَارَى الْحَبَشَةِ فِي عُمُومِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمَوْصُوفِينَ بِمَا ذُكِرَ حَتَّى نَحْتَاجَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ؟ وَلَا نَأْتِي هُنَا قَاعِدَةَ كَوْنِ الْعِبْرَةِ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا وُضِعَ لَهُ سَوَاءٌ وُجِدَ مَا كَانَ سَبَبًا لِوُرُودِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ، وَلَفْظُ الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ لَمْ يُوضَعْ لِأَهْلِ الْكِتَابِ الْمَعْرُوفِينَ بِالْقَطْعِ، وَلَا لِأَمْثَالِهِمْ كَالْمَجُوسِ مَثَلًا، وَقَدْ بَيَّنَّا تَحْقِيقَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوَاضِعَ أَبْسَطُهَا تَفْسِيرُ: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ (ا: 221) الْآيَةَ. [ص276 وَمَا بَعْدَهَا ج 2 ط الْهَيْئَةِ] ثُمَّ تَفْسِيرُ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ (5: 5) الْآيَةَ [147 - 162 ج 6 ط الْهَيْئَةِ] وَيَلِيهِ مَبَاحِثُ فِي مَوْضُوعِ الْآيَةِ. وَلَوْلَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرِينَ وَشُرَّاحَ الْأَحَادِيثِ يَنْظُرُونَ فِي كِتَابِ اللهِ وَحَدِيثِ رَسُولِهِ مِنْ وَرَاءِ حُجُبِ الْمَذَاهِبِ الْفِقْهِيَّةِ لَمَا وَقَعُوا فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَغْلَاطِ الْوَاضِحَةِ، وَلَكُنَّا فِي غِنًى عَنِ الْإِطَالَةِ فِي التَّفْسِيرِ لِبَيَانِهَا.
فَإِنْ تَابُوا أَيْ: فَإِنْ تَابُوا عَنِ الشِّرْكِ، وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُهُمْ عَلَى عَدَاوَتِكُمْ وَقِتَالِكُمْ، بِأَنْ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ - وَعُنْوَانُهُ الْعَامُّ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَكَانَ يُكْتَفَى مِنْهُمْ بِإِحْدَاهُمَا - وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ مَعَكُمْ كَمَا تُقِيمُونَهَا فِي أَوْقَاتِهَا الْخَمْسَةِ، وَهِيَ مَظْهَرُ الْإِيمَانِ، وَأَكْبَرُ أَرْكَانِهِ الْمَطْلُوبَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ، وَيَتَسَاوَى فِي طَلَبِهَا وَجَمَاعَتِهَا الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَالْمَأْمُورُ وَالْأَمِيرُ - وَهِيَ حَقُّ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ، وَأَفْضَلُ مُزَكٍّ لِأَنْفُسِهِمْ يُؤَهِّلُهُمْ لِلِقَائِهِ، وَأَفْعَلُ مُهَذِّبٍ لِأَخْلَاقِهِمْ بَعْدَهَا لِلْقِيَامِ بِحُقُوقِ عِبَادِهِ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست