responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 141
بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ - الْحَدِيثَ - وَفِيهِ فَقَامَ عَلِيٌّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَنَادَى: ذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ بَرِيئَةٌ مِنْ كُلِّ مُشْرِكٍ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَلَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا كُلُّ مُؤْمِنٍ. فَكَانَ عَلِيٌّ يُنَادِي بِهَا، فَإِذَا بُحَّ قَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَنَادَى بِهَا ".
" وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَعَثَ بِـ (بَرَاءَةٌ) مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَا الْحُلَيْفَةِ قَالَ: " لَا يَبْلُغُهَا إِلَّا أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي " فَبَعَثَ بِهَا مَعَ عَلِيٍّ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ يَعْلَى عِنْدَ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيٍّ: لَمَّا نَزَلَتْ عَشْرُ آيَاتٍ مِنْ (بَرَاءَةٌ) بَعَثَ بِهَا النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، لِيَقْرَأَهَا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ: " أَدْرِكْ أَبَا بَكْرٍ فَحَيْثُمَا لَقِيتَهُ فَخُذْ مِنْهُ الْكِتَابَ " فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ، فَقَالَ: " لَا " إِلَّا أَنَّهُ لَنْ يُؤَدِّيَ عَنِّي - أَوْ - وَلَكِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: " لَا يُؤَدِّي عَنْكَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ رَجُلٌ مِنْكَ " قَالَ الْعِمَادَ بْنُ كَثِيرٍ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجَعَ مِنْ فَوْرِهِ، بَلِ الْمُرَادُ رَجَعَ مِنْ حَجَّتِهِ (قُلْتُ) : وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَشْرُ آيَاتٍ فَالْمُرَادُ أَوَّلُهَا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (9: 28) اهـ.
هَذَا مَا لَخَّصَهُ الْحَافِظُ مِنَ الرِّوَايَاتِ. وَأَقُولُ: إِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ قَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ
فِي نُزُولِ الْعَشْرِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَخِيرًا - وَقَدْ ذَكَرَ إِسْنَادَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ - هَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ ضَعْفٌ.
وَأَزِيدُ عَلَيْهِ انْتِقَادَ مَتْنِهِ، إِذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ مِنْهَا عَشْرُ آيَاتٍ، وَأَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عَلِيًّا بِهَا، فَهَذَا مُخَالِفٌ لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ الْمُتَضَافِرَةِ الْمُتَّفِقَةِ الَّتِي أُطْلِقَ فِي بَعْضِهَا أَوَّلُ سُورَةِ (بَرَاءَةٌ) - وَفِي بَعْضِهَا عَدَدُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً مِنْهَا - أَيْ بِالتَّقْرِيبِ، وَفِي بَعْضِهَا سُورَةُ (بَرَاءَةٌ) ، وَهِيَ لَا تَنَافِي بَيْنَهَا، فَقَدْ نَزَلَتْ سُورَةُ (بَرَاءَةٌ) كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا عَقِبَ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَقَدْ كَانَتْ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: إِنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَقَامَ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ مِنْ تَبُوكَ رَمَضَانَ وَشَوَّالَ وَذَا الْقَعْدَةِ ثُمَّ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ، وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ. فَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُ مَا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِنْ أَنَّ حَجَّ أَبِي بَكْرٍ كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ عَلَى هَذَا كَانَ صَحِيحًا وَإِلَّا فَلَا.
وَأَمَّا ضَعْفُ إِسْنَادِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فَمِنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ الْكِنَانِيِّ الْكُوفِيِّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ كَثِيرَ الْوَهْمِ فِي الْأَخْبَارِ يَنْفَرِدُ عَنْ عَلِيٍّ بِأَشْيَاءَ لَا تُشْبِهُ حَدِيثَ الثِّقَاتِ حَتَّى صَارَ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَ عَنْهُ سِمَاكٌ بِحَدِيثٍ مُنْكَرٍ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى: سَاقِطٌ مُطَّرِحٌ، وَلِأَئِمَّةِ الْجَرْحِ فِي تَضْعِيفِهِ أَقْوَالٌ أُخْرَى. وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ الْمُنْكَرَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ سِمَاكٌ هُوَ هَذَا، عَلَى أَنَّ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ هَذَا لَمْ يَسْلَمْ مِنْ جَرْحٍ، وَإِنْ رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ،

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست