responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 119
السَّلِيمَةِ - وَمِنْهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ عَلَى طَرَفَيْ نَقِيضٍ، وَيَظْهَرُ لَهُ التَّفَاوُتُ الْعَظِيمُ بَيْنَ هِجَاءِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَبَيْنَ هَذَا الذَّمِّ لِلْكُفَّارِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْإِصْلَاحِ الْعِلْمِيِّ وَالْأَدَبِيِّ، وَأَكْبَرُ الْعِبْرَةِ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إِذَا صَارُوا مُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ لَا يَنْفَعُهُمْ لَقَبُ الْإِسْلَامِ، وَلَا الِانْتِمَاءُ إِلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَإِنَّمَا الْإِسْلَامُ هِدَايَةٌ، وَوَظِيفَةُ رَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الدِّعَايَةُ.
(9) قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا (30) الْآيَةَ. وَهِيَ فِي الْمُشْرِكِينَ، وَأَكْبَرُ الْعِبْرَةِ فِيهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَادُونَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ اعْتِزَازًا بِالْقُوَّةِ، لَا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا بِالْحُجَّةِ.
(10) قَوْلُهُ: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا (31) الْآيَةَ. وَلَوْ قَدَرُوا عَلَى مِثْلِهِ لَشَاءُوا، وَلَوْ شَاءُوا مَا هُوَ فِي اسْتِطَاعَتِهِمْ لَفَعَلُوا، وَلَوْ فَعَلُوا لَعُرِفَ عَنْهُمْ، وَلَرَجَعَ كُلُّ مَنْ آمَنَ بِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى الْكُفْرِ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِالْحُجَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِي الْإِسْلَامِ أَدْنَى مَصْلَحَةٍ، بَلْ كَانُوا عُرْضَةً لِلْأَذَى وَالْفِتْنَةِ.
(11) قَوْلُهُ: وَإِذْ قَالُوا اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَهُوَ بُرْهَانٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْحَدُونَ جُحُودَ كِبْرِيَاءٍ وَعِنَادٍ، لَا تَكْذِيبَ عِلْمٍ وَاعْتِقَادٍ، فَهُوَ دَلِيلٌ فِعْلِيٌّ عَلَى الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ.
(12) قَوْلُهُ: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34) أَيْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْحَقَّ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى بَيْتِ اللهِ تَعَالَى الْمُؤَسَّسِ لِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الشَّرْكَ وَالرَّذَائِلَ، وَهَذَا الْحَقُّ تَكْوِينِيٌّ وَتَشْرِيعِيٌّ كَمَا ثَبَتَ بِالْفِعْلِ.
(13) قَوْلُهُ: وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً (35) وَهُوَ بَيَانٌ لِقُبْحِ عِبَادَتِهِمْ وَبُطْلَانِهَا؛ لِأَنَّهَا لَهْوٌ وَلَعِبٌ، وَلِذَلِكَ رَتَّبَ عَلَيْهَا جَزَاءَهَا الْعَاجِلَ بِقَوْلِهِ عَطْفًا بِفَاءِ التَّعْقِيبِ: فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35) .
(14) قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ (36) وَهَذَا إِنْذَارٌ يَتَضَمَّنُ الْإِخْبَارَ بِالْغَيْبِ عَنْ عَاقِبَةِ بَذْلِهِمْ لِلْمَالِ فِي مُقَاوَمَةِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ ظَهَرَ صِدْقُهُ لِلْخَاصِّ وَالْعَامِّ، فَهُوَ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ.
(15، 16) قَوْلُهُ تَعَالَى فِي تَتِمَّةِ الْآيَةِ - وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ آيَةً مُسْتَقِلَّةً: وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (36 و37) وَفِيهِ تَتِمَّةٌ لِلْإِنْذَارِ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُمْ يُغْلَبُونَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ يَصِيرُونَ فِي الْآخِرَةِ إِلَى عَذَابِ النَّارِ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست