responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 115
مِنْ عَمَلٍ يُقْدِمُ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُ الْمُتَوَكِّلُ، وَيُحْجِمُ عَنْهُ غَيْرُهُ لِعَظَمَتِهِ، أَوْ مَا يَخْشَى مِنْ عَاقِبَتِهِ، وَكَمْ مِنْ عَمَلٍ يَتْرُكُهُ الْمُتَوَكِّلُ وَلَا تَطِيبُ نَفْسُ غَيْرِهِ بِتَرْكِهِ، لِمَا يَحْرِصُ عَلَيْهِ مِنْ فَائِدَتِهِ، أَوْ يَتَوَقَّعُهُ مِنْ سُوءِ مَغَبَّتِهِ. وَلَيْسَ مِنَ التَّوَكُّلِ تَرْكُ الْأَسْبَابِ الصَّحِيحَةِ فِي الْمَعِيشَةِ وَالْكَسْبِ وَالتَّدَاوِي وَالْحَرْبِ وَغَيْرِهَا، بَلْ هُوَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِهَا، وَلَكِنْ يُنَافِيهِ الْأَخْذُ بِالْأُمُورِ الْوَهْمِيَّةِ كَالرُّقْيَةِ وَالطِّيَرَةِ، وَقَدْ
فَصَّلْنَا هَذَا فِي مَوَاضِعَ (مِنْ أَوْسَعِهَا مَا فِي ص168 - 175 ج 4 ط الْهَيْئَةِ) .
(الْأَصْلُ الْخَامِسُ) أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنَ الصَّادِقِ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ، أَيْ أَدَاؤُهَا عَلَى أَتَمِّ وَجْهٍ وَأَكْمَلِهِ فِي أَرْكَانِهَا وَآدَابِهَا وَسُنَنِهَا وَالْخُشُوعِ وَالتَّدَبُّرِ فِيهَا. وَالصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ، وَأَكْمَلُ الْعِبَادَاتِ الرُّوحِيَّةِ الْبَدَنِيَّةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْإِيمَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ آيَاتِ الْقِبْلَةِ: وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ (2: 143) كَمَا قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ، وَقَدْ وَجَّهْنَاهُ بِأَنَّهُ أَثَرُ الْإِيمَانِ الرَّاسِخِ فِي الْقَلْبِ، الْمُصْلِحِ لِلنَّفْسِ (ص9 وَمَا بَعْدَهَا ج 2 ط الْهَيْئَةِ) وَبَيَّنَّا أَسْرَارَهَا وَحِكْمَتَهَا وَفَوَائِدَهَا وَمَفَاسِدَ تَرْكِهَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ وَالْجُزْءِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَبْلَهُ بِإِسْهَابٍ تَامٍّ، وَلِذَلِكَ اخْتَصَرْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي تَفْسِيرِ آيَةِ هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ الْجُزْءِ التَّاسِعِ.
(الْأَصْلُ السَّادِسُ) أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنَ الصَّادِقِ الْإِنْفَاقَ فِي سَبِيلِ اللهِ مِمَّا رَزَقَ اللهُ، وَهُوَ يَشْمَلُ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَغَيْرَهَا مِنَ النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُسْتَحَبَّةِ. وَلَعَلَّ بَذْلَ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ أَقْوَى آيَاتِ الْإِيمَانِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْلَ فِيهِ حَيْثُ وَقَعَ الْأَمْرُ بِهِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِالتَّفْصِيلِ، وَمِنْ غَيْرِهَا بِالِاخْتِصَارِ، فَهُوَ الْعِبَادَةُ الْمَالِيَّةُ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا أَهَمُّ الْأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، مِنْ مَنْزِلِيَّةٍ (عَائِلِيَّةٍ) وَمَدَنِيَّةٍ وَعَسْكَرِيَّةٍ، وَبِمَجْمُوعِ هَذِهِ الصِّفَاتِ يَكْمُلُ الْإِيمَانُ، وَيَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ وَعْدَ اللهِ الْمُؤْمِنِينَ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ تَعَالَى مِنَ الْجَزَاءِ فِي الْأَصْلِ الْآتِي.
(الْأَصْلُ السَّابِعُ) أَنَّ جَزَاءَ هَؤُلَاءِ الْكَامِلِينَ مَا بَيَّنَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهُ فِي (ص494 ج 9 ط الْهَيْئَةِ) .
(الْأَصْلُ الثَّامِنُ) مِنْ آيَاتِ الْإِيمَانِ الْكَامِلِ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ اسْتِغَاثَةُ الرَّبِّ وَحْدَهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي الشَّدَائِدِ، كَمَا فَعَلَ جُمْهُورُ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي بَدْرٍ وَذَكَّرَهُمْ بِهِ بَعْدَهَا، وَبِمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الِاسْتِجَابَةِ لَهُمْ بِهَا، فِي قَوْلِهِ: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ (9) الْآيَةَ. وَتَجِدُّ فِي تَفْسِيرِهَا تَحْقِيقَ
الْكَلَامِ فِي كَمَالِ تَوَكُّلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَكَوْنِ تَوَكُّلِ صَاحِبِهِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ دُونَهُ، وَمَا كَانَ مِنْ خَوْفِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِبَدْرٍ وَسَكِينَتِهِ فِي الْغَارِ، وَإِعْطَائِهِ كُلَّ مَقَامٍ حَقَّهُ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ هَذِهِ الْخُلَاصَةِ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست