responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 107
مَا آمُرُكُمْ بِهِ مِنْ تَثْبِيتِهِمْ عَلَى قُلُوبِهِمْ، حَتَّى لَا يَفِرُّوا مِنْ أَعْدَائِهِمْ عَلَى كَوْنِهِمْ يَفُوقُونَهُمْ عَدَدًا وَعُدَدًا وَمَدَدًا - إِعَانَةَ حَاضِرٍ مَعَكُمْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ مِنْ إِعَانَتِكُمْ، وَالْوَعْدُ بِالْإِعَانَةِ وَحْدُهُ لَا يُفِيدُ هَذَا الْمَعْنَى كُلَّهُ، فَفِي الْمَعِيَّةِ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الْإِعَانَةِ نَعْقِلُ مِنْهُ مَا ذَكَرَ وَلَا نَعْقِلُ كُنْهَهُ وَصِفَتَهُ.
وَفِي مَعْنَاهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي بَيَانِ أَنَّ كَثْرَةَ الْعَدَدِ وَحْدَهَا لَا تَقْتَضِي النَّصْرَ فِي الْحَرْبِ بَلْ هُنَالِكَ قُوَّةٌ مَعْنَوِيَّةٌ إِلَهِيَّةٌ قَدْ يَنْصُرُ بِهَا الْفِئَةَ الْقَلِيلَةَ عَلَى الْكَثِيرَةِ: وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) - وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ الْأَمْرِ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ الْمَعْنَوِيَّةِ كَالثَّبَاتِ فِي الْقِتَالِ وَذِكْرِهِ وَطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَالنَّهْيِ عَنِ التَّنَازُعِ: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ جَعْلِ الْمُؤْمِنِينَ حَقِيقِينَ بِالنَّصْرِ عَلَى عَشْرَةِ أَضْعَافِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي حَالِ الْقُوَّةِ وَالْعَزِيمَةِ، وَعَلَى مِثْلَيْهِمْ فِي حَالِ الضَّعْفِ وَالرُّخْصَةِ بِشُرُوطِهِ: وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) وَهَذِهِ الْمَعِيَّةُ يُعَبَّرُ عَنْهَا فِي هَذَا الْمَقَامِ بِمَعِيَّةِ النَّصْرِ. وَقَدْ بَيَّنَّا مَا تُسَمَّى بِهِ فِي مَقَامَاتٍ أُخْرَى مِنَ الصَّبْرِ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ يُطْلَبُ كُلٌّ مِنْهَا فِي مَحِلِّهِ.
وَيُنَاسِبُ الْمَعِيَّةَ مَا وَرَدَ فِي الْعِنْدِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ (4) وَهِيَ: إِمَّا عِنْدِيَّةُ مَكَانٍ. كَهَذِهِ الْآيَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمَكَانِ هُنَا الْجَنَّةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ: إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ (66: 11) وَإِضَافَتُهُ إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ كَمَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ، وَإِمَّا عِنْدِيَّةُ تَدْبِيرٍ وَتَصَرُّفٍ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ (10) وَإِمَّا عِنْدِيَّةُ حُكْمٍ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَهْلِ الْإِفْكِ مِنْ سُورَةِ النُّورِ: فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (24: 13) أَيْ فِي حُكْمِ شَرْعِهِ.
(3) وِلَايَتُهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ:
وَهِيَ بِمَعْنَى مَعِيَّتِهِ لَهُمْ. قَالَ: وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) فَتُسَمَّى هَنَا وِلَايَةَ النُّصْرَةَ وَهِيَ أَعَمُّ. وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي الْوِلَايَةِ
الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ فِي تَفْسِيرِ اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا (1: 257) فَتُرَاجَعُ فِي (ص34 ج 3 ط الْهَيْئَةِ) .
الْفَصْلُ الثَّانِي
فِي أَفْعَالِهِ وَتَصَرُّفِهِ فِي عِبَادِهِ وَتَدْبِيرِهِ لِأُمُورِ الْبَشَرِ وَفِي تَشْرِيعِهِ لَهُمْ
(1) تَصَرُّفُهُ فِي عِبَادِهِ:
يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَفْعَالُهُ الَّتِي لَا كَسْبَ لِلنَّاسِ فِيهَا، وَتَصَرُّفُهُ فِيهِمْ بِالْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَالنَّتَائِجِ وَإِرَادَتِهِ فِي تَسْخِيرِهِمْ فِي أَعْمَالِهِمْ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ (5) ، وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست