responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 99
وَذَلِكَ هُوَ مَا أَرْشَدَنَا اللهُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَالَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (: 200، 201) إِلَخْ.
(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ) أَنَّ الْأَحْكَامَ الِاجْتِهَادِيَّةَ الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ بِالنَّصِّ الْقَطْعِيِّ الصَّرِيحِ رِوَايَةً وَدَلَالَةً لَا تُجْعَلُ تَشْرِيعًا عَامًّا إِلْزَامِيًّا بَلْ تُفَوَّضُ إِلَى اجْتِهَادِ الْأَفْرَادِ فِي الْعِبَادَاتِ الشَّخْصِيَّةِ وَالتَّحْرِيمِ الدِّينِيِّ الْخَاصِّ بِهِمْ، وَإِلَى اجْتِهَادِ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْحُكَّامِ وَأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي الْأُمُورِ السِّيَاسِيَّةِ وَالْقَضَائِيَّةِ وَالْإِدَارِيَّةِ، وَمَأْخَذُهُ الْآيَةُ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) (219) وَوَجْهُهُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ بِضَرْبٍ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ أَنَّ مَا كَانَ إِثْمُهُ وَضَرَرُهُ أَكْبَرَ مِنْ نَفْعِهِ فَهُوَ مُحَرَّمٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ، وَذَلِكَ مَا فَهِمَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ فَامْتَنَعُوا مِنَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُلْزِمِ الْأُمَّةَ هَذَا، بَلْ أَقَرَّ مَنْ تَرَكَهُمَا وَمَنْ لَمْ يَتْرُكْهُمَا عَلَى اجْتِهَادِهِمَا إِلَى أَنْ نَزَلَ النَّصُّ الْقَطْعِيُّ الصَّرِيحُ بِتَحْرِيمِهِمَا وَالْأَمْرُ بِاجْتِنَابِهِمَا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فَحِينَئِذٍ بَطَلَ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا، وَأَهْرَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْخَمْرِ وَصَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَاقِبُ مَنْ شَرِبَهَا.
وَبِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَانَ يَعْذِرُ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ مَنْ خَالَفَهُ أَوْ خَالَفَ بَعْضَ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ الِاجْتِهَادِيَّةِ غَيْرِ الْقَطْعِيَّةِ رِوَايَةً وَدَلَالَةً، وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَى أَحَدٍ أَنْ يَتْبَعَ أَحَدًا فِي اجْتِهَادِهِ كَمَا يَفْعَلُ الْخَلَفُ الْمُقَلِّدُونَ.
وَبِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَمْ يَقْبَلِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - مِنَ الْمَنْصُورِ أَوَّلًا، وَلَا مِنْ هَارُونَ الرَّشِيدِ ثَانِيًا أَنْ يَحْمِلَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْعَمَلِ بِكُتُبِهِ وَلَا بِالْمُوَطَّأِ الَّذِي هُوَ أَصَحُّ مَا رَوَاهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَرْفُوعَةِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ، وَوَاطَأَهُ عَلَيْهِ جُمْهُورٌ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ.
(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ - إِلَى السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ) بِنَاءُ أُمُورِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْبُيُوتِ وَتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ:
1 - قِيَامُ النِّسَاءِ بِالْأُمُورِ الَّتِي تَقْتَضِيهَا وَظِيفَتُهُنَّ كَالرَّضَاعَةِ وَغَيْرُهَا مِنْ أُمُورِ تَرْبِيَةِ الْأَطْفَالِ، وَيَقُومُ الزَّوْجُ بِالنَّفَقَةِ كُلِّهَا.
2 - أَلَّا يُكَلَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي حُدُودِ وَظِيفَتِهِ وَالْوَاجِبِ عَلَيْهِ.
3 - لَا يُضَارُّ أَحَدٌ مِنْهُمَا بِالْوَلَدِ، وَلَا بِغَيْرِهِ بِالْأَوْلَى، وَالْمُضَارَّةُ دُونَ تَكْلِيفِ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ.
4 - إِبْرَامُ الْأُمُورِ غَيْرِ الْقَطْعِيَّةِ بِالتَّرَاضِي وَالتَّشَاوُرِ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست