responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 89
الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ غَيْرَ مَا يُخْفُونَ، وَيَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (فَهَذِهِ آيَاتُهَا الْأَوْلَى إِلَى الْآيَةِ 20) وَقَفَّى عَلَى هَذَا بِدَعْوَةِ النَّاسِ جَمِيعًا إِلَى عِبَادَةِ رَبِّهِمْ وَحْدَهُ، وَعَدَمِ اتِّخَاذِ الْأَنْدَادِ لَهُ، الَّذِينَ يُحَبُّونَ مِنْ جِنْسِ حُبِّهِ، وَيُذْكُرُونَ مَعَهُ فِي مَقَامَاتِ ذِكْرِهِ، وَيُشْرَكُونَ مَعَهُ فِي مُخِّ الْعِبَادَةِ - الدُّعَاءِ - أَوْ يُدْعَوْنَ مِنْ دُونِهِ (انْظُرِ الْآيَتَيْنِ 21 و22 وَآيَاتِ الْإِسْلَامِ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَوَصِيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَيَعْقُوبَ لِأَبْنَائِهِمْ مِنْ 124 - 141 كَمَا يَأْتِي، وَالْآيَاتِ الَّتِي سَنُشِيرُ إِلَيْهَا فِي خِطَابِ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ مِنْ 163 - 172) .
ثُمَّ ثَنَّى دَعْوَةَ التَّوْحِيدِ بِدَعْوَةِ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ، وَاحْتَجَّ عَلَى حَقِّيَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ بِهَذَا الْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ عَلَى عَبْدِهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِتَحَدِّي النَّاسِ كَافَّةً بِالْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، مَعَ التَّصْرِيحِ الْقَطْعِيِّ بِعَجْزِهِمْ أَجْمَعِينَ، وَرَتَّبَ عَلَى هَذَا إِنْذَارَ الْكَافِرِينَ بِالنَّارِ، وَتَبْشِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، وَقَفَّى عَلَى هَذَا بِبَيَانِ بَعْضِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَى الْإِيمَانِ، وَبِخُلَاصَةِ النَّشْأَةِ الْآدَمِيَّةِ، وَعَدَاوَةِ الشَّيْطَانِ لِلْإِنْسَانِ. وَتَمَّ ذَلِكَ بِالْآيَةِ (39) .
ثُمَّ خَصَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالدَّعْوَةِ، تَالِيًا عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ مُحَمَّدٌ لَوْلَا وَحْيُهُ تَعَالَى لَهُ، فَذَكَّرَهُمْ بِنِعَمِهِ، وَأَمْرَهُمْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ، وَنَهَاهُمْ أَنْ يَكُونَ الْمُعَاصِرُونَ لَهُ مِنْهُمْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ، وَحَاجَّهُمْ فِي الدِّينِ بِتَذْكِيرِهِمْ بِأَيَّامِ اللهِ، وَبِأَهَمِّ الْوَقَائِعِ الَّتِي كَانَتْ لِسَلَفِهِمْ مَعَ كَلِيمِهِ، مِنْ كُفْرٍ وَإِيمَانٍ، وَطَاعَةٍ وَعِصْيَانٍ، ثُمَّ بِالتَّذْكِيرِ لَهُمْ وَلِلْعَرَبِ بِهَدْيِ جَدِّهِمْ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَبِنَائِهِ لِبَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ مَعَ وَلَدِهِ إِسْمَاعِيلَ وَدُعَائِهِمَا إِيَّاهُ تَعَالَى أَنْ يَبْعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ،
وَبِأَنَّ عُلَمَاءَهُمْ يَعْرِفُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الرَّسُولُ الَّذِي دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ وَبَشَّرَ بِهِ مُوسَى كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَبِأَنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ يَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أَيْ وَالْفَرِيقُ الْآخَرُ يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَعْتَرِفُونَ بِوَعْدِ اللهِ لِإِبْرَاهِيمَ ثُمَّ لِمُوسَى بِقِيَامِ نَبِيٍّ مِنْ أَبْنَاءِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلِهِ.
بُدِئَ هَذَا السِّيَاقُ بِالْآيَةِ 40 مِنَ السُّورَةِ (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) إِلَخْ. وَانْتَهَى بِالْآيَةِ 142 مِنْهَا، وَتَخَلَّلَهُ بَعْضُ الْآيَاتِ الْمُوَجَّهَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ لِلِاعْتِبَارِ بِمَا فِيهِ مِنْ شُئُونِ أَهْلِ الْكِتَابِ السَّابِقِينَ وَالْحَاضِرِينَ مِنَ الْيَهُودِ بِالتَّفْصِيلِ وَمِنَ النَّصَارَى بِالْإِجْمَالِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُجَاوِرًا وَلَا مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَإِنَّ نُزُولَ الْبَقَرَةِ كَانَ فِي أَوَّلِ عَهْدِ الْهِجْرَةِ. وَمَا تَقَدَّمَ يُنَاهِزُ نِصْفَ السُّورَةِ، وَهُوَ شَطْرُهَا الْخَاصُّ بِأُمَّةِ الدَّعْوَةِ، وَالشَّطْرُ الثَّانِي قَدْ وُجِّهَ لِأُمَّةِ الْإِجَابَةِ.
خِطَابُ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ بِمَوْضُوعِ الدَّعْوَةِ الْعَامِّ:
كَانَ الِانْتِقَالُ مِنْ خِطَابِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ إِلَى خِطَابِ أَهْلِ الْقُرْآنِ مِنْ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ بِذِكْرِ مَا هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ قَوْمِ مُوسَى وَقَوْمِ مُحَمَّدٍ مِنْ نَسَبِ إِبْرَاهِيمَ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى فَضْلِهِ وَهِدَايَتِهِ، وَكَانَ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ إِجْمَالًا كَالْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ يَذْكُرُ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ عَمَلِيَّةٍ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست