responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 337
مَغَبَّةَ مَا يَنْتَظِرُهُ الْمُجْرِمُونَ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْعِصْيَانِ، لَكَانَ ثَوَابُ اللهِ لَهُمْ عَلَى الْإِيْمَانِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ جَمِيعِ مَا تَوَهَّمُوهُ فِي الْمُخَالَفَةِ مِنَ الْمَنَافِعِ. ثُمَّ قَالَ: (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) أَيْ إِنَّهُمْ فِي كُلِّ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَبَاطِيلِ، وَمِنْ زَعْمِهِمْ أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الْكِتَابِ بِضُرُوبٍ مِنَ التَّأْوِيلِ، يَتَّبِعُونَ الظُّنُونَ وَيَعْتَمِدُونَ عَلَى التَّقْلِيدِ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ الصَّحِيحِ، وَلَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ عِلْمًا صَحِيحًا لَظَهَرَ أَثَرُهُ فِي أَعْمَالِهِمْ وَلَآمَنُوا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاتَّبَعُوهُ فَكَانُوا مِنَ الْمُفْلِحِينَ.
وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ فِي الْآيَاتِ: أَنَّ بَابِلَ بَلْدَةٌ قَدِيمَةٌ كَانَتْ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ (قَبْلَ الْكُوفَةِ) فِي أَشْهَرِ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ التَّارِيخِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ نَهْرِ الْفُرَاتِ بَعِيدَةً عَنْهُ، وَيُقَالُ: إِنَّ أَصْلَ اشْتِقَاقِهَا فِي الْعِبْرَانِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى الْخَلْطِ، إِشَارَةً إِلَى مَا يَرْوِيهِ الْعِبْرَانِيُّونَ مِنِ اخْتِلَاطِ الْأَلْسِنَةِ هُنَاكَ. وَهَارُوتُ وَمَارُوتُ اسْمَانِ أَعْجَمِيَّانِ، وَلَوْ كَانَا مُشْتَقَّيْنِ مِنَ الْهَرْتِ وَالْمَرْتِ كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ لَمَا مُنِعَا مِنَ الصَّرْفِ، وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ) لِاسْتِغْرَاقِ النَّفْيِ وَتَأَكُّدِهِ، وَقَدْ شَدَّدَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ كَعَادَتِهِ الْإِنْكَارَ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّهَا زَائِدَةٌ، وَقَالَ: إِنَّمَا الزَّائِدَةُ مَا يُذْكَرُ لِلتَّحْلِيَةِ وَلَا يَكُونُ لَهُ مَعْنًى مَا وِفَاقًا لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَالْمَثُوبَةُ الثَّوَابُ، وَ (لَمَثُوبَةٌ) خَبَرُ (لَوْ) ، قَالَ الْأُسْتَاذُ: أَيْ لَكَانَتْ مَثُوبَةٌ مِنَ اللهِ خَيْرًا.
وَقَدْ قَدَّرُوا لَهَا فِعْلًا فَقَالُوا: الْأَصْلُ لَأُثِيبُوا مَثُوبَةً، فَحُذِفَ الْفِعْلُ وَرُكِّبَ الْبَاقِي جُمْلَةً اسْمِيَّةً لِيَدُلَّ عَلَى ثَبَاتِ الْمَثُوبَةِ، وَنُكِّرَتْ لِبَيَانِ أَنَّهَا مَهْمَا قَلَّتْ فَهِيَ خَيْرٌ لَهُمْ، وَأَصْلُهَا الثَّوْبُ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ، كَأَنَّ الْمُحْسِنَ يَثُوبُ إِلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْإِعْرَاضِ.
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
أَقُولُ: هَذَا خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي أَمْرٍ لَهُ عِلَاقَةٌ بِمَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْيَهُودِ، فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَاضِي السِّيَاقِ الْخَاصِّ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَدْءِ انْتِقَالٍ مِنْهُ إِلَى سِيَاقٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى جَمِيعًا فِي أَمْرِ الدِّينِ. وَ (رَاعِنَا) كَلِمَةٌ كَانَتْ تَدُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ الصَّحَابَةِ فِي خِطَابِ النَّبِيِّ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 337
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست