responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 314
الْمُقَامِ كَمُبْتَدَأِ كَلَامٍ جَدِيدٍ يُفِيدُ الْعُمُومَ، كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِيمَانًا قَلِيلًا ذَلِكَ الَّذِي يُؤْمِنُونَ بِهِ. وَأَمَّا الَّتِي لِتَفْخِيمِ الشَّيْءِ فَكَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) (3: 159) أَيْ فَبِسَبَبِ رَحْمَةٍ عَظِيمَةِ الشَّأْنِ خَصَّكَ اللهُ بِهَا لِنْتَ لَهُمْ عَلَى مَا لَقِيتَ مِنْهُمْ، وَقَدْ بَيَّنَ - تَعَالَى - هَذِهِ الرَّحْمَةَ بِقَوْلِهِ فِي وَصْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (9: 128) وَقَوْلِهِ: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (21: 107) .
هَذَا مَا اخْتَارَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: (فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ) ، وَهُنَاكَ وَجْهٌ آخَرُ أَوْرَدَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِالنَّبِيِّ وَمَا جَاءَ بِهِ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ، وَالِاسْتِدْرَاكُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَظْهَرُ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ كُفْرَهُمُ الْمُسْتَقِرَّ، وَعِصْيَانَهُمُ الْمُسْتَمِرَّ، كَانَ سَبَبًا فِي لَعْنِهِمْ وَإِبْعَادِهِمْ، كَانَ لِلْوَهْمِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أَنَّهُمْ قَوْمٌ قَدْ سَجَّلَ عَلَيْهِمُ الشَّقَاءَ وَعَمَّهُمْ حَتَّى لَا مَطْمَعَ فِي إِيمَانِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، فَجَاءَ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: (فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ) يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الْوَهْمَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَنْطَلِقَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَأَنَّ تَأْثِيرَ مَا ذُكِرَ فِي مَجْمُوعِ الشَّعْبِ لَمْ يَسْتَغْرِقْ أَفْرَادَهُ اسْتِغْرَاقًا، وَإِنَّمَا غَمَرَ الْأَكْثَرِينَ، وَيُرْجَى أَنْ
يَنْجُوَ مِنْهُ النَّفَرُ الْقَلِيلُ، وَكَذَلِكَ كَانَ.
أَقُولُ: وَفِيهِ مِنْ دِقَّةِ الْقُرْآنِ فِي الصِّدْقِ وَتَحْدِيدِ الْحَقِّ مَا لَا يُعْهَدُ فِي كَلَامِ النَّاسِ.
(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 314
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست