responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 245
(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى
الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
الْكَلَامُ مُوَجَّهٌ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ اللهَ ذَكَّرَهُمْ بِنِعْمَتِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ، وَأَنْ يَرْهَبُوهُ وَيَتَّقُوهُ وَحْدَهُ، وَأَنْ يُؤْمِنُوا بِالْقُرْآنِ، وَنَهَاهُمْ أَنْ يَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ، وَأَنْ يَشْتَرُوا بِآيَاتِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، وَأَنْ يَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَيَكْتُمُوهُ عَمْدًا، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَطَفِقَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ يُوَبِّخُهُمْ عَلَى سِيرَتِهِمُ الْمُعْوَجَّةِ فِي الدِّينِ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَى طَرِيقِ الْخُرُوجِ مِنْهَا.
الْيَهُودُ كَسَائِرِ الْمِلَلِ يَدَّعُونَ الْإِيمَانَ بِكِتَابِهِمْ وَالْعَمَلَ بِهِ، وَالْمُحَافَظَةَ عَلَى أَحْكَامِهِ وَالْقِيَامَ بِمَا يُوجِبُهُ، وَلَكِنَّ اللهَ - تَعَالَى - عَلَّمَنَا أَنَّ مِنَ الْإِيمَانِ - بَلْ مِمَّا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ إِيمَانًا - مَا لَا يُعْبَأُ بِهِ، فَيَكُونُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَهُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي لَا سُلْطَانَ لَهُ عَلَى الْقَلْبِ، وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي إِصْلَاحِ الْعَمَلِ، كَمَا قَالَ: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) وَكَانَتِ الْيَهُودُ فِي عَهْدِ بِعْثَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدْ وَصَلُوا فِي الْبُعْدِ عَنْ جَوْهَرِ الدِّينِ إِلَى هَذَا الْحَدِّ. كَانُوا - وَلَا يَزَالُونَ - يَتْلُونَ الْكِتَابَ تِلَاوَةً يَفْهَمُونَ بِهَا مَعَانِيَ الْأَلْفَاظِ، وَيُجِلُّونَ أَوْرَاقَهُ وَجِلْدَهُ، وَلَكِنَّهُمْ مَا كَانُوا يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى - وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَرْضَاهُ - تَعَالَى -، يَتْلُونَ أَلْفَاظَهُ وَفِيهَا الْبِشَارَةُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَأْمُرُونَ بِالْعَمَلِ بِأَحْكَامِهِ وَآدَابِهِ مِنَ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَكِنَّ الْأَحْبَارَ الْقَارِئِينَ الْآمِرِينَ النَّاهِينَ مَا كَانُوا يُبَيِّنُونَ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا مَا يُوَافِقُ أَهْوَاءَهُمْ وَتَقَالِيدَهُمْ، وَلَا يَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَحْكَامِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُعَارِضْ حُظُوظَهُمْ وَشَهَوَاتِهِمْ؛ فَقَدْ عَهِدَ اللهُ إِلَيْهِمْ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يُقِيمُ مِنْ إِخْوَتِهِمْ نَبِيًّا يُقِيمُ الْحَقَّ، وَفَرَضَ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةَ،
وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست