responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 199
بِاخْتِصَارٍ فِي مَعْرَضِهِ، وَنُقِلَتْ عَنْ صُوَرِهَا الْأَصْلِيَّةِ إِلَى صُورَتِهِ كَسَاهَا أُبَّهَةً، وَأَكْسَبَهَا مَنْقَبَةً، وَرَفَعَ مِنْ أَقْدَارِهَا، وَشَبَّ مِنْ نَارِهَا، وَضَاعَفَ قُوَاهَا فِي تَحْرِيكِ النُّفُوسِ لَهَا، وَدَعَا الْقُلُوبَ إِلَيْهَا، وَاسْتَثَارَ لَهَا مِنْ أَقَاصِي الْأَفْئِدَةِ صَبَابَةً وَكَلَفًا، وَقَسَرَ الطَّبَائِعَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَهَا مَحَبَّةً وَشَغَفًا ".
" فَإِنْ كَانَ مَدْحًا كَانَ أَبْهَى وَأَفْخَمَ، وَأَنْبَلَ فِي النُّفُوسِ وَأَعْظَمَ، وَأَهَزَّ لِلْعِطْفِ، وَأَسْرَعَ لِلْإِلْفِ، وَأَجْلَبَ لِلْفَرَحِ، وَأَغْلَبَ عَلَى الْمُمْتَدَحِ، وَأَوْجَبَ شَفَاعَةً لِلْمَادِحِ، وَأَقْضَى لَهُ
بِغَرَرِ الْمَوَاهِبِ وَالْمَنَائِحِ، وَأَسْيَرَ عَلَى الْأَلْسُنِ وَأَذْكَرَ، وَأَوْلَى بِأَنْ تُعَلَّقَهُ الْقُلُوبُ وَأَجْدَرَ "
" وَإِنْ كَانَ ذَمًّا كَانَ مَسُّهُ أَوْجَعَ، وَمِيسَمَهُ أَلَذَعَ، وَوَقْعُهُ أَشَدَّ، وَحَدُّهُ أَحَدَّ "
" وَإِنْ كَانَ حِجَاجًا كَانَ بُرْهَانُهُ أَنْوَرَ، وَسُلْطَانُهُ أَقْهَرَ، وَبَيَانُهُ أَبْهَرَ "
" وَإِنْ كَانَ افْتِخَارًا كَانَ شَأْوُهُ أَبْعَدَ، وَشَرَفُهُ أَجَدَّ، وَلِسَانُهُ أَلَدَّ "
" وَإِنْ كَانَ اعْتِذَارًا كَانَ إِلَى الْقَبُولِ أَقْرَبَ، وَلِلْقُلُوبِ أَخْلَبَ، وَلِلسَّخَائِمِ أَسَلَّ، وَلِغَرْبِ الْغَضَبِ أَفَلَّ، وَفِي عَقْدِ الْعُقُودِ أَنْفَثَ، وَعَلَى حُسْنِ الرُّجُوعِ أَبْعَثَ "
" وَإِنْ كَانَ وَعْظًا كَانَ أَشَفَى لِلصَّدْرِ، وَأَدْعَى إِلَى الْفِكْرِ، وَأَبْلَغَ فِي التَّنْبِيهِ وَالزَّجْرِ، وَأَجْدَرَ بِأَنْ يُجْلِي الْغَيَابَةَ، وَيُبْصِرَ الْغَايَةَ، وَيُبْرِئَ الْعَلِيلَ، وَيَشْفِي الْغَلِيلَ " إِلَخْ.
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) فَيُجَادِلُونَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ، وَيُمَارُونَ بِالْبُرْهَانِ وَقَدْ تَعَيَّنَ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ الْمَوْضُوعِ وَيُعْرِضُونَ عَنِ الْحُجَّةِ، وَيَتَتَبَّعُونَ الْكَلِمَ الْمُفْرَدَ، حَتَّى إِذَا ظَفِرُوا بِكَلِمَةٍ لَا يَسْتَعْذِبُهَا ذَوْقُ الْمُتَظَرِّفِينَ، وَلَا تَدُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُتَكَلِّفِينَ، أَظْهَرُوا الْعَجَبَ مِنْهَا، وَطَفِقُوا يَتَسَاءَلُونَ عَنْهَا (فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا) وَلَوْ أَنْصَفُوا لَعَرَفُوا، وَلَكِنَّهُمُ ارْتَابُوا فِي الْحَقِّ فَانْصَرَفُوا (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) (18: 54) يَذْهَبُ بِهِ جَدَلُهُ إِلَى قِيَاسِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِمُتَنَطَّعِي الْمُتَأَدِّبِينَ، وَيُنْكِرُ عَلَى رَبِّهِ الْمَثَلَ وَالْقِيَاسَ، وَلَا يُنْكِرُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى النَّاسِ.
قَالَ تَعَالَى فِي جَوَابِهِمْ: (يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا) أَيْ يُضِلُّ بِالْمَثَلِ أَوْ بِالْكَلَامِ الْمَضْرُوبِ فِيهِ الْمَثَلُ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَهُ شُبْهَةً عَلَى الْإِنْكَارِ وَالرَّيْبِ، وَيَهْدِي بِهِ الَّذِينَ يُقَدِّرُونَ الْأَشْيَاءَ بِغَايَاتِهَا، وَيَحْكُمُونَ عَلَيْهَا بِحَسْبِ فَائِدَتِهَا، وَأَنْفَعُ الْكَلَامِ مَا جَلَّى الْحَقَائِقَ وَهَدَى إِلَى أَقْصَدِ الطَّرَائِقِ، وَسَاقَ النُّفُوسَ بِقُوَّةِ التَّأْثِيرِ إِلَى حُسْنِ الْمَصِيرِ (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (29: 43) فَهَؤُلَاءِ الْعَالِمُونَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَهُمُ الْمَهْدِيُّونَ بِهِ، وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: (مَاذَا أَرَادَ اللهُ) إِلَخْ، أَيِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْمَثَلَ لِكُفْرِهِمْ فَهُمُ الضَّالُّونَ بِهِ وَقَدْ بَيَّنَ شَأْنَهُمْ بِقَوْلِهِ: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) فَعُرِفَتْ عِلَّةُ ضَلَالِهِمْ وَهِيَ الْفُسُوقُ، أَيِ الْخُرُوجُ عَنْ هِدَايَةِ اللهِ تَعَالَى فِي سُنَنِهِ فِي خَلْقِهِ الَّتِي

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست