responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 176
تَشْبِيهٌ لِتَأْثِيرِ الرِّيَاحِ الْبَارِدَةِ فِي السَّحَابِ بِمَا يَكُونُ سَبَبًا لِنُزُولِ الْمَطَرِ بِتَلْقِيحِ ذُكُورِ الْحَيَوَانِ لِإِنَاثِهِ، وَلَمَّا اهْتَدَى عُلَمَاءُ أُورُبَّةَ إِلَى هَذَا وَزَعَمُوا أَنَّهُ مِمَّا لَمْ يُسْبَقُوا إِلَيْهِ مِنَ الْعِلْمِ صَرَّحَ بَعْضُ الْمُطَّلِعِينَ عَلَى الْقُرْآنِ مِنْهُمْ بِسَبْقِ الْعَرَبِ إِلَيْهِ. قَالَ مِسْتَرْ (أَجْنِيرِي) الْمُسْتَشْرِقُ الَّذِي كَانَ أُسْتَاذًا لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَدْرَسَةِ أُكْسُفُورْدَ فِي الْقَرْنِ الْمَاضِي: إِنَّ أَصْحَابَ الْإِبِلِ قَدْ عَرَفُوا أَنَّ الرِّيحَ تُلَقِّحُ الْأَشْجَارَ وَالثِّمَارَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَهَا أَهْلُ أُورُبَّةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ قَرْنًا. اهـ.
نَعَمْ إِنَّ أَهْلَ النَّخِيلِ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْرِفُونَ التَّلْقِيحَ إِذْ كَانُوا يَنْقُلُونَ بِأَيْدِيهِمُ اللَّقَاحَ مِنْ طَلْعِ ذُكُورِ النَّخْلِ إِلَى إِنَاثِهَا، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ الرِّيَاحَ تَفْعَلُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَفْهَمِ الْمُفَسِّرُونَ هَذَا مِنَ الْآيَةِ بَلْ حَمَلُوهَا عَلَى الْمَجَازِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) (21: 30) أَيْ أَكَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا مَادَّةً وَاحِدَةً فَفَتَقْنَاهُمَا وَخَلَقْنَا مِنْهَا هَذِهِ الْأَجْرَامَ السَّمَاوِيَّةَ الَّتِي تُظِلُّهُمْ، وَهَذِهِ الْأَرْضَ الَّتِي تُقِلُّهُمْ، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ الْمُبَيَّنَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (41: 11) إِلَخْ.
وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ وَلَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ. وَكَذَلِكَ خَلْقُ كُلِّ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْمَاءِ وَهُوَ أَصْرَحُ فِي الْآيَةِ مِمَّا قَبْلَهُ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) (51: 49) وَقَوْلُهُ: (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) (13: 3) وَهَذِهِ السُّنَّةُ الْإِلَهِيَّةُ فِي النَّبَاتِ
أَصْلٌ لِسُنَّةِ التَّلْقِيحِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنَّ الرِّيحَ تَنْقُلُ مَادَّةَ اللِّقَاحِ مِنَ الذَّكَرِ إِلَى الْأُنْثَى كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست