responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 171
وَلَكِنْ كَانَ قَدْ بِيعَ بَعْضُ النُّسَخِ مِنَ التَّقْوِيمِ فَوَجَدَ الْمُدَقِّقُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بَعْضَهَا، عَلَى أَنَّ دَأْبَ هَؤُلَاءِ الْمُنَجِّمِينَ أَنْ يُعَبِّرُوا عَمَّا يَتَوَقَّعُونَ مِنْ أَنْبَاءِ الْمُسْتَقْبَلِ بِآرَائِهِمْ وَبِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَأَخْبَارِ الصُّحُفِ الدَّوْرِيَّةِ بِرُمُوزٍ وَكِنَايَاتٍ وَإِشَارَاتٍ يُفَسِّرُونَ بِهَا الْوَقَائِعَ بِأَهْوَائِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدُوهَا تَحْتَمِلُ شَيْئًا مِنْهَا كَتَمُوهَا، وَتَعَذَّرَ عَلَى غَيْرِهِمْ تَكْذِيبُهُمْ فِيهَا، وَأَمَّا مَا يَعْرِفُهُ الْفَلَكِيُّونَ بِالْحِسَابِ كَالْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ وَمَطَالِعِ الْكَوَاكِبِ وَمَغَارِبِهَا، فَلَيْسَ مِنَ التَّنْجِيمِ وَلَا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ فِي شَيْءٍ.
إِعْجَازُ الْقُرْآنِ بِسَلَامَتِهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ:
(الْوَجْهُ الرَّابِعُ) : سَلَامَتُهُ عَلَى طُولِهِ مِنَ التَّعَارُضِ وَالتَّنَاقُضِ وَالِاخْتِلَافِ، خِلَافًا لِجَمِيعِ كَلَامِ الْبَشَرِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) (4: 82) وَإِنَّنَا نَجِدُ كِبَارَ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ عَصْرٍ يُصَنِّفُونَ الْكِتَابَ فَيُسَوِّدُونَ، ثُمَّ يُصَحِّحُونَ وَيُبَيِّضُونَ، ثُمَّ يَطْبَعُونَ وَيَنْشُرُونَ، ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ كَثِيرٌ مِنَ التَّعَارُضِ وَالِاخْتِلَافِ وَالْأَغْلَاطِ اللَّفْظِيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا طَالَ الزَّمَانُ، وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُورٌ فِي جَمِيعِ الْأُمَمِ.
(فَإِنْ قِيلَ) : إِنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْقُرْآنِ قَدِ اسْتَخْرَجُوا مِنْهُ بَعْضَ الِاخْتِلَافِ وَالتَّعَارُضِ، فَاضْطُرَّ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْجَوَابِ عَنْهَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ دَفَعَ الْإِيرَادَ، وَأَظْهَرَ بُطْلَانَ الِانْتِقَادِ، وَأَنَّ الْمُسْلِمَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ تَقْلِيدًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِهِ سَدِيدًا (قُلْتُ) : إِذَا كَانَتْ عَيْنُ الرِّضَى مُتَّهَمَةً فَعَيْنُ السُّخْطِ أَوْلَى بِالتُّهْمَةِ، وَإِنَّنَا إِذَا لَمْ نَلْتَفِتْ إِلَى كَلَامِ أَعْدَاءِ الْقُرْآنِ الَّذِينَ يَخْتَرِعُونَ التُّهَمَ أَوْ يُزَيِّنُونَهَا بِخِلَابَةِ الْقَوْلِ - وَلَا إِلَى الْمُقَلِّدِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - وَعَرَضْنَا مَا ذُكِرَ مِنْ ظَوَاهِرِ الِاخْتِلَافِ عَلَى فَرِيقِ الْمُسْتَدِلِّينَ الْمُسْتَقِلِّينَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ نَرَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ تَعَارُضٌ حَقِيقِيٌّ مَعْنَوِيٌّ يُعَدُّ مَطْعَنًا صَحِيحًا فِيهِ، وَيَرَى النَّاظِرُ فِي تَفْسِيرِنَا هَذَا وَفِي مِجَلَّتِنَا (الْمَنَارِ) بَيَانَ كُلِّ مَا عَلِمْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ الْجَوَابِ الْمَعْقُولِ عَنْهُ، وَلَكِنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْإِعْجَازِ إِنَّمَا يَظْهَرُ فِي جُمْلَةِ الْقُرْآنِ فِي السُّوَرِ الطَّوِيلَةِ مِنْهُ لَا فِي كُلِّ سُورَةٍ، فَإِنَّ سَلَامَةَ السُّورَةِ الْقَصِيرَةِ مِنْ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ أَمْرًا مُعْجِزًا يُتَحَدَّى بِهِ.
إِعْجَازُ الْقُرْآنِ بِالْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ وَالتَّشْرِيعِ:
(الْوَجْهُ الْخَامِسُ) : اشْتِمَالُهُ عَلَى الْعُلُومِ الْإِلَهِيَّةِ، وَأُصُولِ الْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ، وَأَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ وَقَوَانِينِ الْفَضَائِلِ وَالْآدَابِ وَقَوَاعِدِ التَّشْرِيعِ السِّيَاسِيِّ وَالْمَدَنِيِّ وَالِاجْتِمَاعِيِّ الْمُوَافِقَةِ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَبِذَلِكَ يَفْضُلُ كُلَّ مَا سَبَقَهُ مِنَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ، وَمِنَ الشَّرَائِعِ الْوَضْعِيَّةِ، وَمِنَ الْآدَابِ الْفَلْسَفِيَّةِ، كَمَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْمُنْصِفُونَ مِنْ جَمِيعِ الْأُمَمِ الشَّرْقِيَّةِ وَالْغَرْبِيَّةِ، مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِكَوْنِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ الْأُمِّيِّ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِذَلِكَ، حَتَّى

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 171
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست