responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 15
ذَلِكَ بَعْدَ جَمْعِ حُرُوفِهِ فِي الْمَطْبَعَةِ وَقَبْلَ طَبْعِهِ. فَكَانَ رُبَّمَا يُنَقِّحُ فِيهِ بِزِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ حَذْفِ كَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ، وَلَا أَذْكُرُ أَنَّهُ انْتَقَدَ شَيْئًا مِمَّا لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الطَّبْعِ، بَلْ كَانَ رَاضِيًا بِالْمَكْتُوبِ بَلْ مُعْجَبًا بِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كُلُّهُ نَقْلًا عَنْهُ وَمَعْزُوًّا إِلَيْهِ، بَلْ كَانَ تَفْسِيرًا لِلْكَاتِبِ مِنْ إِنْشَائِهِ، اقْتَبَسَ فِيهِ مِنْ تِلْكَ الدُّرُوسِ الْعَالِيَةِ جُلَّ مَا اسْتَفَادَهُ مِنْهَا، لِذَلِكَ كُنْتُ أَعْزُو إِلَيْهِ الْقَوْلَ الْمَنْقُولَ عَنْهُ إِذَا جَاءَ بَعْدَ كَلَامٍ لِي فِي بَيَانِ مَعْنَى الْآيَةِ أَوِ الْجُمْلَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَإِذَا انْتَهَى النَّقْلُ وَشَرَعْتُ بِكَلَامِ لِي بَعْدَهُ قُلْتُ فِي بَدْئِهِ (أَقُولُ) وَلَمْ يَكُنْ هَذَا التَّمْيِيزُ مُلْتَزَمًا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بَلْ يَكْثُرُ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مَا لَا عَزْوَ فِيهِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَا فَهِمْتُهُ مِنْهُ وَمِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ الْأُخْرَى أَوْ مِنْ نَصِّ الْآيَةِ عَلَى أَنَّنِي عَبَّرْتُ عَنْهُ بِأَمَالٍ مُقْتَبَسَةٍ.
وَلَمَّا كَانَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - يَقْرَأُ كُلَّ مَا أَكْتُبُهُ، إِمَّا قَبْلَ طَبْعِهِ وَهُوَ الْغَالِبُ، وَإِمَّا بَعْدَهُ وَهُوَ الْأَقَلُّ، لَمْ أَكُنْ أَرَى حَرَجًا فِيمَا أَعْزُوهُ إِلَيْهِ مِمَّا فَهِمْتُهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَتَبْتُهُ عَنْهُ فِي مُذَكِّرَاتِ الدَّرْسِ؛ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ إِيَّاهُ يُؤَكِّدُ صِحَّةَ الْفَهْمِ وَصِدْقَ الْعَزْوِ. وَبَعْدَ أَنْ تَوَفَّاهُ اللهُ تَعَالَى صِرْتُ أَرَى مِنَ الْأَمَانَةِ أَلَّا أَعْزُوَ إِلَيْهِ إِلَّا مَا كَتَبْتُهُ عَنْهُ أَوْ حَفِظْتُهُ حِفْظًا، وَصِرْتُ أُكْثِرُ أَنْ أَقُولَ: قَالَ مَا مَعْنَاهُ، أَوْ مَا مِثَالُهُ، أَوْ مَا مُلَخَّصُهُ، مَثَلًا، عَلَى أَنَّنِي أَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ حَيَّا وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ لَأَقَرَّهُ كُلَّهُ.
وَقَدْ بَدَأْتُ فِي حَيَاتِهِ بِتَجْرِيدِ تَفْسِيرِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنَ الْمَنَارِ وَطَبْعِهِ عَلَى حِدَّتِهِ، وَتُوُفِّيَ قَبْلَ طَبْعِ نِصْفِهِ، فَهُوَ قَدْ قَرَأَ مَا طُبِعَ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ. وَقَدِ اشْتَدَّ شُعُورِي بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ عَلَيَّ وَحْدِي تَبِعَةَ تَأْلِيفِ تَفْسِيرٍ مُسْتَقِلٍّ وَتَبِعَةَ إِيدَاعِهِ مَا تَلَقَّيْتُهُ عَنْ هَذَا الْعَالِمِ الْكَبِيرِ الْمُشْرِقِ الْبَصِيرَةِ، وَذِي النَّصِيبِ الْوَافِرِ مِنْ إِرْثِ نَبِيِّ اللهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ: (وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ) . وَتَبِعَةُ الْأَمَانَةِ فِي النَّقْلِ بِالْمَعْنَى أَثْقَلُ مِنْ تَبِعَةِ تَحَرِّي الْفَهْمِ الصَّحِيحِ وَأَدَائِهِ بِبَيَانٍ فَصِيحٍ.
وَسَبَبُ الْبَدْءِ بِطَبْعِ الْجُزْءِ الثَّانِي: أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ مُخْتَصَرًا وَغَيْرَ مُلْتَزَمٍ فِيهِ مَا الْتَزَمْتُهُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ تَفْسِيرِ جَمِيعِ عِبَارَاتِ الْآيَاتِ وَذِكْرِ نُصُوصِهَا مَمْزُوجَةً فِيهِ. وَلِذَلِكَ اقْتَرَحْتُ عَلَى الْأُسْتَاذِ أَنْ يُعِيدَ النَّظَرَ فِيهِ وَيَزِيدَ فِيهِ مَا يَسْنَحُ لَهُ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ إِيضَاحٍ، وَلَاسِيَّمَا إِيضَاحُ مَا انتقدَ عَلَيْهِ إِجْمَالَهُ مِنَ الْكَلَامِ فِي الْمَلَائِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ وَتَأْوِيلِ قِصَّةِ آدَمَ. فَقَرَأَ النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنْهُ بَعْدَ نَسْخِهِ لَهُ، وَزَادَ فِيهِ مَا يَرَاهُ الْقَارِئُ مَعْزُوًّا إِلَى خَطِّهِ وَمُمَيَّزًا بِوَضْعِهِ بَيْنَ عَلَامَتَيْنِ بِهَذَا الشَّكْلِ () وَزِدْتُ أَنَا فِي جَمِيعِ الْجُزْءِ زِيَادَاتٍ غَيْرَ قَلِيلَةٍ صَارَ بِهَا مُوَافِقًا لِسَائِرِ الْأَجْزَاءِ فِي أُسْلُوبِهِ وَكُنْتُ أُمَيِّزُ زِيَادَتِيَ الْأَخِيرَةَ عَنْ أَقْوَالِيَ الَّتِي أَسْنَدْتُهَا إِلَى نَفْسِي أَوَّلًا فِي حَالِ حَيَاةِ الْأُسْتَاذِ بِقَوْلِي: وَأَزِيدُ الْآنَ، أَوْ وَأَقُولُ الْآنَ، ثُمَّ تَرَكْتُ ذَلِكَ وَاكْتَفَيْتُ بِكَلِمَةِ (أَقُولُ) .

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست