responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 136
عَنْهُمْ فِي سُورَتِهِمْ بِقَوْلِهِ: (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) (63: 7) .
هَذَا - وَإِنَّنَا أَشَرْنَا إِلَى نُكْتَةِ اخْتِلَافِ التَّعْبِيرِ فِي نَفْيِ الشُّعُورِ عَنِ الْمُنَافِقِينَ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَنَفْيِ الْعِلْمِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ. وَأَزِيدُ عَلَيْهِ فِي نُكْتَةِ نَفْيِ الْعِلْمِ الْآنَ مَا يُنَبِّهُ الْأَذْهَانَ إِلَى دِقَّةِ التَّعْبِيرِ فِي الْقُرْآنِ، وَهُوَ أَنَّ أَمْرَ الْإِيمَانِ لَا يَتَحَقَّقُ
إِلَّا بِالْعِلْمِ الْيَقِينِي، فَمَوْضُوعُهُ عِلْمِيٌّ، ثُمَّ إِنَّ ثَمَرَتَهُ السَّعَادَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا يُدْرِكُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ عَلِمَ حَقِيقَتَهُ، فَنُفِيَ عَنْهُمُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ فِيمَا رَمَوْا بِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالسَّفَاهِ بِشُبْهَةِ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا مَصْلَحَتَهُمْ وَمَصْلَحَةَ قَوْمِهِمُ الْأَنْصَارِ وَمَصْلَحَةَ أُمَّتِهِمُ الْعَرَبِيَّةِ فِي اتِّبَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ سَبَبُهُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِكُنْهِ الْإِيمَانِ وَعَاقِبَتِهِ، وَمَنْ جَهِلَ الْمَلْزُومَ كَانَ بِلَوَازِمِهِ أَجْهَلَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ مَا الْإِيمَانُ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ سُفَهَاءُ غَاوُونَ، أَوْ عُقَلَاءُ رَاشِدُونَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ، وَهُمْ جَاهِلُونَ بِهِ وَيَجْهَلُونَ أَنَّهُمْ جَاهِلُونَ.
وَمِنْ مَبَاحِثِ الْأَدَاءِ فِي الْآيَاتِ: مَا فِي اجْتِمَاعِ الْهَمْزَتَيْنِ مِنْ آخَرِ " السُّفَهَاءِ " وَأَوَّلِ " أَلَا " مِنْ قِرَاءَةِ تَحْقِيقِهِمَا بِالنُّطْقِ بِهِمَا مَعًا وَقِرَاءَتَيْ تَحْقِيقِ الْأُولَى وَتَلْيِينِ الثَّانِيَةِ وَعَكْسِهِ، وَقِرَاءَةِ بَعْضِهِمْ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَلِكَ أَمْثَالُهَا مِنْ كُلِّ هَمْزَتَيْنِ فِي كَلِمَتَيْنِ.
(وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)
الْآيَاتُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي وَصْفِ هَذَا الصِّنْفِ مِنَ النَّاسِ - الَّذِي قُلْنَا إِنَّهُ يُوجَدُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ وَمِلَّةٍ وَفِي كُلِّ عَصْرٍ - كَانَتْ عَامَّةً تَصَوِّرُ حَالَ أَفْرَادِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَكَانَ أُسْلُوبُهَا ظَاهِرًا فِي الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ: (يُخَادِعُونَ) إِلَخْ، وَقَوْلِهِ: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ) كَذَا - (قَالُوا) كَيْتَ وَكَيْتَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا) الْآيَةَ، فَهُوَ وَصْفٌ قَدْ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ أَفْرَادِ هَذَا الصِّنْفِ مِمَّنْ كَانَ فِي عَصْرِ التَّنْزِيلِ، جَاءَ بَعْدَ الْأَوْصَافِ الْعَامَّةِ وَحُكِيَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي،

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست