responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 101
بَاطِلٌ لَا مُقَابِلَ لَهُ وَهُوَ ظُلْمٌ، وَأَمَّا الْعُقُودُ وَالْمُعَامَلَاتُ الَّتِي لَا ظُلْمَ فِيهَا بِأَكْلِ مَالِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْبَاطِلِ فَلَيْسَتْ مِنَ الرِّبَا.
(الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ) أَنَّ عَمَلَ كُلِّ إِنْسَانٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ لَا يُجْزَى إِلَّا بِهِ وَلَا يُجْزَى بِهِ سِوَاهُ، فَلَا يَنْفَعُهُ عَمَلُ غَيْرِهِ وَلَا يَضُرُّهُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي خَاتِمَةِ هَذِهِ السُّورَةِ: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) (286) وَيُعَزِّزُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الَّتِي وَرَدَ أَنَّهَا آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَضْعِهَا بَعْدَ آيَاتِ الرِّبَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَهِيَ: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (281) وَإِنْ لَمْ تَرِدْ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ، وَفِيهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ، فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مِنْ قَوَاعِدِ الْعَقَائِدِ فِي بَعْضِ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ الَّتِي نَزَلَتْ قَبْلَهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّجْمِ: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (53: 38 - 39) إِلَخْ وَكَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (6: 164) وَيَجِدُ الْقَارِئُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْجُزْءِ الثَّامِنِ مَا يُؤَيِّدُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مِنَ الشَّوَاهِدِ وَمَا جَعَلُوهُ مُعَارِضًا لَهَا مُخَصِّصًا لِعُمُومِهَا
مِنَ انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ وَالْحَيِّ بِعَمَلِ غَيْرِهِ وَمَا يَصِحُّ مِنْهُ وَمَا لَا يَصِحُّ، وَكَوْنِ الصَّحِيحِ مِنْهُ لَا يُنَافِي عُمُومَ الْقَاعِدَةِ.
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ) بَيَانُ بُطْلَانِ الشَّفَاعَةِ الْوَثَنِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ أَسَاسَ شِرْكِ الْعَرَبِ وَمَنْ قَبْلَهُمْ، وَهِيَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ بِالدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ، لِيَشْفَعُوا لَهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى فَيَكْشِفَ مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ، وَيُؤْتِيَهُمْ مَا طَلَبُوا مِنْ نَفْعٍ، وَزَادَ عَلَيْهِمْ مُشْرِكُو أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ الِاعْتِمَادَ عَلَى الشُّفَعَاءِ بِالنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، قَالَ تَعَالَى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ) (10: 18) الْآيَةَ. وَقَدْ نَفَى اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الشَّفَاعَةَ بِقَوْلِهِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ خِطَابًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ) (254) وَقَوْلِهِ فِي خِطَابِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ) (48) وَفِي مَعْنَاهَا (آيَةُ 123) وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّابِتَةُ فِي الْأَحَادِيثِ فَهِيَ غَيْرُ هَذِهِ وَلَا تُنَافِي التَّوْحِيدَ، وَكَوْنُ الشَّفَاعَةِ لِلَّهِ جَمِيعًا سَيَأْتِي بَيَانُهَا.
(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ) بِنَاءُ أُصُولِ الدِّينِ فِي الْعَقَائِدِ وَحِكْمَةِ التَّشْرِيعِ عَلَى إِدْرَاكِ الْعَقْلِ لَهَا وَاسْتِبَانَتِهِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَمَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَسَدِّ ذَرَائِعِ الْفَسَادِ، وَالشَّاهِدُ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى تَوْحِيدِهِ بِآيَاتِهِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) - إِلَى قَوْلِهِ: - (لِآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (164) ثُمَّ قَوْلُهُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست