منهم وهو أبوهم آدم عليه السلام، فقد تغلبت عليه الوساوس، فلا تأس أيها الرسول الكريم على القوم الكافرين، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات.
الإيضاح
(وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) أي وقلنا له: اتخذ الجنة مسكنا لك ولزوجك. واختلفت آراء العلماء في الجنة المرادة هنا، فمن قائل إنها دار الثواب التي أعدها الله للمؤمنين يوم القيامة، لسبق ذكرها في هذه السورة، وفي ظواهر السنة ما يدلّ عليه، فهي إذا في السماء حيث شاء الله منها.
ومن قائل إنها جنة أخرى خلقها الله تعالى امتحانا لآدم عليه السلام، وكانت بستانا فى الأرض بين فارس وكرمان، وقيل بفلسطين وليست هى الجنة المعروفة، وعلى هذا جرى أبو حنيفة وتبعه أبو منصور الماتريدى في تفسيره المسمى بالتأويلات، فقال: نحن نعتقد أن هذه الجنة بستان من البساتين، أو غيضة من الغياض كان آدم وزوجه منعمين فيها، وليس علينا تعيينها ولا البحث عن مكانها، وهذا هو مذهب السلف ولا دليل لمن خاض في تعيين مكانها من أهل السنة وغيرهم اهـ.
قال الآلوسى في تفسيره روح المعاني: ومما يؤيد هذا الرأى:
(1) أن الله خلق آدم في الأرض ليكون خليفة فيها هو وذريته، فالخلافة منهم مقصودة بالذات، فلا يصح أن يكون وجودهم فيها عقوبة عارضة.
(2) أنه تعالى لم يذكر أنه بعد خلق آدم في الأرض عرج به إلى السماء، ولو حصل لذكر لأنه أمر عظيم (3) أن الجنة الموعود بها لا يدخلها إلا المتقون المؤمنون، فكيف دخلها الشيطان الكافر للوسوسة.
(4) أنها دار للنعيم والراحة، لا دار للتكليف، وقد كلف آدم وزوجه ألا يأكلا من الشجرة.