عناية المسلمين بتفسير الكتاب الكريم
كتاب الله هو دستور التشريع، ومنبع الأحكام التي طلب إلى المسلمين أن يعملوا بها، ففيه بيان الحلال والحرام والأمر والنهى، هو معين الآداب والأخلاق التي أمروا أن يستمسكوا بها، لتكون مصدر سعادتهم، ومنبع هدايتهم، ونيلهم الزّلفى عند ربهم في جنات النعيم فهى الوسيلة لإصلاح حال المجتمع الإسلامى إذا أخذوا بها ولم يحيدوا عن طريقها، وينحرفوا عن سننها.
ومما ساعد على العمل بها أنه نزل منجّما بحسب الحوادث والوقائع في نيف وعشرين سنة، وقد كانت تنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم الآية أو الآيات فى واقعة بعينها فيتدارسها مع صحبه، ويفصل لهم مجملها، ويوضح لهم مبهمها، ويفسر لهم مشكلها، حتى لا تبقى فى النفس بقية من لبس، وكان عليه الصلاة السلام الهادي لهم إلى سواء السبيل، والفاتح لهم ما استغلق من أمر دينهم، والمفسر لكتاب الله بسنته القولية وسنته الفعلية كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وظلّ دائبا هكذا حتى لحق بالرفيق الأعلى.
فلا غرو أن كان تفسيره وإيضاح ما أشكل عليهم فهمه منه- هجيراهم من بدء التنزيل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، وما زال الأمر كذلك في كل العصور حتى عصرنا، وما طفقت التفاسير تترى وهى مختلفة المناجى والمناهج، فما من عصر إلا جدّت فيه تفاسير تشاكل حاجة ذلك العصر ما بين مطوّل ومختصر كما نشاهد ذلك رأى العين، وإن كتاب الله لفيه من الأسرار ما لم يقف على كنهه جهابذة المفسرين وسيفسره الزمن وتقدم العلوم والفنون، ورقىّ الفكر الإنساني كما قال سبحانه وتعالى:
(وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) .