responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 82
قَالَ النَّحَّاسُ: وَرَدَّ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ وَقَالَ: هَذَا سِجِّينٌ وَذَلِكَ سِجِّيلٌ فَكَيْفَ يُسْتَشْهَدُ بِهِ؟! قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا الرَّدُّ لَا يَلْزَمُ، لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ اللَّامَ تُبْدَلُ مِنَ النُّونِ لِقُرْبِ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى، وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ يُرَدُّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى قَوْلِهِ لَكَانَ حِجَارَةً سِجِّيلًا، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: حِجَارَةٌ مِنْ شَدِيدٍ، لِأَنَّ شَدِيدًا نَعْتٌ. وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لِحِجَارَةِ الْأَرْحَاءِ سِجِّيلٌ. وَحَكَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ أَنَّ سِجِّيلًا طِينٌ يُطْبَخُ حَتَّى يَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْحَاءِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ: إِنَّ سِجِّيلًا لَفْظَةٌ غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ عُرِّبَتْ، أَصْلُهَا سنج وجيل. وَيُقَالُ: سنك وكيل، بِالْكَافِ مَوْضِعَ الْجِيمِ، وَهُمَا بِالْفَارِسِيَّةِ حَجَرٌ وَطِينٌ عَرَّبَتْهُمَا الْعَرَبُ فَجَعَلَتْهُمَا اسْمًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ: السِّجِّيلُ الطِّينُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ" لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ
" [1] [الذاريات: 33]. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ أَصْلُ الْحِجَارَةِ طِينًا فَشُدِّدَتْ. وَالسِّجِّيلُ عِنْدَ الْعَرَبِ كُلُّ شَدِيدٍ صُلْبٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي الْآجُرَّ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: طِينٌ طُبِخَ حَتَّى كَانَ كَالْآجُرِّ، وَعَنْهُ أَنَّ سِجِّيلًا اسْمُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ، وَحَكَاهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ يَرُدُّهُ وَصْفُهُ بِ" مَنْضُودٍ". وَعَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّهُ بَحْرٌ مُعَلَّقٌ فِي الْهَوَاءِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنْهُ نَزَلَتِ الْحِجَارَةُ. وَقِيلَ: هِيَ جِبَالٌ فِي السَّمَاءِ، وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ:" وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ" [2] [النور: 43]. وَقِيلَ: هُوَ مِمَّا سُجِّلَ لَهُمْ أَيْ كُتِبَ لَهُمْ أَنْ يُصِيبَهُمْ، فَهُوَ فِي مَعْنَى سِجِّينٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَما أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ. كِتابٌ مَرْقُومٌ" [3] [المطففين: 8] قَالَهُ الزَّجَّاجُ وَاخْتَارَهُ. وَقِيلَ: هُوَ فِعِّيلٌ مِنْ أَسْجَلْتُهُ أَيْ أَرْسَلْتُهُ، فَكَأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَسْجَلْتُهُ إِذَا أَعْطَيْتُهُ، فَكَأَنَّهُ عَذَابٌ أُعْطُوهُ، قَالَ «[4]»:
مَنْ يُسَاجِلْنِي يُسَاجِلْ مَاجِدًا ... يَمْلَأُ الدلو إلى عقد الكرب

[1] راجع ج 17 ص 47.
[2] راجع ج 12 ص 289.
[3] راجع ج 19 ص 254.
[4] البيت للفضل بن عباس بن عتبة بن أبى لهب. واصل المساجلة. أن يستقى ساقيان فيخرج كل واحد منهما في سجله (دلوه) مثل ما يخرج الآخر فأيهما نكل فقد غلب، فضربته مثلا العرب للمفاخرة. والكرب: الحبل الذي يشد على الدلو بعد المنين وهو الحبل الأول.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست