responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 351
يريد أمامي. وفي التنزيل: كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ [1] [الكهف: 79] أَيْ أَمَامَهُمْ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو عَلِيٍّ قُطْرُبٌ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ كَمَا يُقَالُ هَذَا الْأَمْرُ مِنْ وَرَائِكَ، أَيْ سوف يأتيك، وأنا من وراء فإن أَيْ فِي طَلَبِهِ وَسَأَصِلُ إِلَيْهِ. وَقَالَ النَّحَّاسُ في قول" مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ" أَيْ مِنْ أَمَامِهِ، وَلَيْسَ مِنَ الْأَضْدَادِ وَلَكِنَّهُ مِنْ تَوَارَى، أَيِ اسْتَتَرَ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: إِنَّ وَرَاءَ تَكُونُ بِمَعْنَى خَلْفَ وَأَمَامَ فَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، وَقَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْضًا، وَاشْتِقَاقُهُمَا مِمَّا تَوَارَى وَاسْتَتَرَ، فَجَهَنَّمُ تَوَارَى وَلَا تَظْهَرُ، فَصَارَتْ مِنْ وَرَاءٍ لِأَنَّهَا لَا تُرَى، حَكَاهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَهُوَ حَسَنٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) " أَيْ مِنْ مَاءٍ مِثْلِ الصَّدِيدِ، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ أَسَدٌ، أَيْ مِثْلُ الْأَسَدِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ وَتَشْبِيهٌ. وَقِيلَ: هُوَ مَا يَسِيلُ مِنْ أَجْسَامِ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الْقَيْحِ وَالدَّمِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: هُوَ غُسَالَةُ أَهْلِ النَّارِ، وَذَلِكَ مَاءٌ يَسِيلُ مِنْ فُرُوجِ الزُّنَاةِ وَالزَّوَانِي. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ مَاءٍ كَرِهْتَهُ تَصُدُّ عَنْهُ، فَيَكُونُ الصَّدِيدُ مَأْخُوذًا مِنَ الصَّدِّ. وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قوله:" وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ" قَالَ: يُقَرَّبُ إِلَى فِيهِ فَيَكْرَهُهُ فَإِذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِهِ فَإِذَا شَرِبَهُ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ يَقُولُ اللَّهُ:" وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ" [2] [محمد: 15] وَيَقُولُ اللَّهُ:" وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ"»
[الكهف: 29] " خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو حَدِيثَ أَبِي أُمَامَةَ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ أَخَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ. (يَتَجَرَّعُهُ) أَيْ يَتَحَسَّاهُ جَرْعًا لَا مَرَّةً وَاحِدَةً لِمَرَارَتِهِ وَحَرَارَتِهِ. (وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) أَيْ يَبْتَلِعُهُ، يُقَالُ: جَرَعَ الْمَاءَ وَاجْتَرَعَهُ وَتَجَرَّعَهُ بِمَعْنًى. وَسَاغَ الشَّرَابُ فِي الْحَلْقِ يَسُوغُ سَوْغًا إِذَا كَانَ سَلِسًا سَهْلًا، وَأَسَاغَهُ اللَّهُ إِسَاغَةً. وَ" يَكادُ" صِلَةٌ، أَيْ يُسِيغُهُ بَعْدَ إِبْطَاءٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَما كادُوا يَفْعَلُونَ" [4] [البقرة: 71] أَيْ فَعَلُوا بَعْدَ إِبْطَاءٍ، وَلِهَذَا قَالَ:" يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ" [5] [الحج: 20] فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْإِسَاغَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُجِيزُهُ وَلَا يَمُرُّ بِهِ [6]. (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ)

[1] راجع ج 11 ص 34.
[2] راجع ج 16 ص 237.
(3). راجع ج 10 ص 39.
[4] راجع ج 1 ص 455.
[5] راجع ج 12 ص 27.
[6] كذا في الأصل، ولعله" لا يجيزه ولا يمر به".
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 351
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست